اختتم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، زيارته لمصر بالذهاب إلى العريش على معبر رفح، وتفقد مستشفى العريش وتابع حالة المصابين والجرحى والمرضى الفلسطينيين الذين خرجوا من غزة للعلاج بالمستشفيات المصرية، كما زار المركز اللوجستى وتفقد مخازن الهلال الأحمر والإغاثات الإنسانية، وبالطبع شاهد ماكرون الحشود الضخمة من المصريين فى العريش ورفح المصرية، تأكيدا لتوحد الموقف الشعبى مع الموقف الرسمى ضد التهجير أو أى محاولات لتصفية القضية، وهو موقف شعبى سلمى لكنه يحمل رسائل حاسمة تجاه العدوان المستمر من الاحتلال ونتنياهو.
زيارة ماكرون للعريش جاءت بعد ساعات من القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية، التى عقدت بالقاهرة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وتأكيداتها على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والانتهاكات فى الضفة الغربية، وهى قمة مهمة، بجانب الاتصال الذى أجراه الرئيسان وملك الأردن بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وتم إبلاغه بتطورات الأوضاع والمواقف المتعلقة بالوضع فى غزة، وناقش القادة الثلاثة مع الرئيس ترامب سبل ضمان وقف إطلاق النار بشكل عاجل فى قطاع غزة، مؤكدين على ضرورة استئناف الوصول الكامل لتقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وهو ما قد يدعم الموقف العربى، من حيث إعادة الخطة المصرية المتكاملة لإعادة الإعمار، والسير تجاه حل الدولتين باعتباره الحل الحاسم للقضية الفلسطينية، بجانب الموقف المصرى الأردنى الذى يقوم على التوافق باعتبار البلدين لهما دور مهم بحكم المواجهة، ورفضهما معا للتهجير، مع استمرار التنسيق والتشاور بين القاهرة وعمان فيما يخص القضايا العربية وأمن واستقرار المنطقة وخصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وجود الرئيس الفرنسى، تزامنا مع حشود بمئات الآلاف فى العريش ورفح، يؤكد اتفاقا تاما بين الموقف الشعبى والرسمى الرافض للتهجير القسرى أو الطوعى، باعتبار مجرد الدعوة له تمثل جريمة حرب ومخالفة للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، بما يؤكد حسم الموقف المصرى بشكل تام تجاه أى محاولات أو مشروعات للتهجير أو التصفية، بجانب أهمية وجود الرئيس الفرنسى يدعم إدخال المساعدات إلى غزة، وكسر الحصار الإسرائيلى وحرب التجويع التى يمارسها الاحتلال، وضمان منع المساعدات والتى تمثل جريمة من جرائم الحرب.
ولا شك أن الحشود الكبيرة فى العريش ورفح تمثل دعما واضحا ورفضا لجرائم الحرب والإبادة التى يمارسها الاحتلال، وتزامنت زيارة الرئيس الفرنسى لمصر مع زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة فى زيارة هى الرابعة له منذ بداية الحرب على غزة، فى وقت يصعد فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، وحاول نتنياهو البحث عن طريق لتخفيف الضغط من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وأيضا تحقيق مكاسب سياسية تتعلق بالملف الإيرانى، أو الخلاف مع تركيا، وهى ملفات لم يحقق فيها نتنياهو نتائج كبيرة، لأن ترامب تحدث عن تفاوض مع إيران، وعن علاقات تربطه بتركيا، وهو ما قد يسبب أزمة لنتنياهو الراغب فى أن تدعمه أمريكا فى مواجهة إيران ومشروعها النووى.
وفيما يتعلق بتطورات الوضع فى الشرق الأوسط، كان ملف غزة فى مقدمة أولويات نتنياهو، حيث يسعى لتعزيز موقفه من العدوان على غزة، بينما الجبهات الأوروبية والدولية تسحب دعمها فى ظل غياب المبررات التى يشن بها العدوان.
وبالتالى فإن زيارة الرئيس الفرنسى ماكرون، بصفته الفرنسية وأيضا كطرف فاعل فى الاتحاد الأوروبى، تمثل خطوت مهمة واختراقا للجبهات وتقاطعات سياسية مع مسار العدوان، لتنضم فرنسا إلى كل من إيطاليا وألمانيا وإسبانيا لمواجهة عدوان بلا مبررات، باعتبار أوروبا وفرنسا تحديدا تريد التمايز عن موقف أمريكى أصبح أكثر تعقيدا، وبالتالى فالتحركات المصرية تمثل تقاطعا مع جبهات الحرب ودعما للموقف الرافض للتهجير.
