أعادت تطورات الأحداث الأخيرة فى قطاع غزة مع تصاعد العدوان الإسرائيلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية الأولى للعرب، وتتابع الشعوب العربية عن كثب ما يجرى فى الأراضى المحتلة خاصة فى غزة والضفة الغربية مع تصاعد الهجمة البربرية التى يقودها المحتل الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى الأعزل.
وتسببت جرائم الإبادة الجماعية التى ارتكبها جيش الاحتلال فى تعريف الأجيال الجديدة بالوجه الحقيقى للمحتل الإسرائيلى الذى يعيش على دماء أطفال قطاع غزة والأبرياء من النساء والشيوخ والشباب، بدعم أمريكى أعمى للجرائم التى يرتكبها المحتل الإسرائيلى فى غزة ومحاولاته لتوسيع رقعة الصراع وإعادة رسم خارطة منطقة الشرق الأوسط.
استعرضنا فى مقالات سابقة أهداف الاحتلال الإسرائيلى من التوسع الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية ومحاولة ضم أجزاء من بعض الدول العربية، وهو ما يثبت أن هذا الكيان المحتل الاستيطانى لن يتوقف عند احتلاله للأراضى الفلسطينية ويسير وفق الخطة التى وضع لبنتها الأولى ثيودور هرتزل رئيس الحركة الصهيونية والذى نظم اول مؤتمر لكيانات صهيونية فى بازل بسويسرا عام 1897م، بحضور عشرات الشخصيات الغنية من الطائفة اليهودية من كافة دول العالم.
ثيودور هرتزل هو صحفى نمساوى يهودي، زعيم الصهيونية الأول الذى ولد فى بودابست سنة 1860 من أب يهودى ثري، هاجرت أسرته من بودابست واستقرت فى فيينا بالنمسا حين كان سنه 18 سنة، تشبع هرتزل بالثقافة الغربية وعرف عنه إتقانه لأربع لغات هى الألمانية والإنجليزية والمجرية والفرنسية، لكن لم يكن يتحدث العبرية.
إسرائيل دولة معادية لا تؤمن بالقانون الدولى أو الإنسانى ولديها نوايا توسعية واستيطانية منذ عقود، بدأت الأفكار الصهيونية فى نهاية القرن التاسع عشر فى طرح أماكن لإقامة ما يسمى "وطن قومى لليهود" وفكرت الكيانات الصهيونية فى إقامة كيانهم المزعوم فى سويسرا وأوغندا والأرجنتين وفى سيناء قبل أن تستقر على إقامة كيانهم المزعوم فى فلسطين.
وكانت بريطانيا أحد أبرز الدول التى ساعدت الصهاينة على إصدار قرار بإقامة وطنى قومى لهم، وعملت بريطانيا قبل ذلك على دعم كافة التحركات الصهيونية لإقامة الكيان المزعوم سواء فى سيناء أو فلسطين لاحقا، بدعم الهجرات اليهودية الخمس التى نظمتها الوكالات الصهيونية مطلع القرن العشرين ودعمتها عائلة روتشيلد اليهودية التى قدمت كافة سبل الدعم المادى للكيان المزعوم.
إذن التحذيرات التى تطرح بضرورة اليقظة والانتباه من مخططات إسرائيل هى ليست مزاعم كما يروج أصحاب المصلحة المستفيدين من المحتل وداعميه، وإنما حقائق وخطط قائمة تسعى إسرائيل لتفعيلها لتصفية الوجود الفلسطيني، وتعد الدولة المصرية الأكثر يقظة بين شعوب المنطقة فى مراقبة ومتابعة سلوك الكيان الصهيونى المحتل الذى يعمل دوما على العدوان عسكريا على مكتسبات الشعوب العربية، محاولا إعادة ترسيم حدود الشرق الأوسط التى رسمت بالدم والتضحيات الكبيرة التى قدمتها الدول خلال العقود الماضية.
يتذرع الاحتلال الاسرائيلى بأن الفصائل الفلسطينية هى من اعتدت على إسرائيل فى السابع من أكتوبر عام 2023، لكن الحقيقة أن إسرائيل هى من اعتدت على الفلسطينيين وسرقت أراضيهم منذ مطلع القرن العشرين وحاول الفلسطينيون التصدى للهجرات اليهودية واندلعت الثورة العربية عام 1936 رفضا لمخططات الصهيونية ببناء مستوطنات فى فلسطين المحتلة، وأقام المحتل كيانه المزعوم عام 1948 وارتكبت إسرائيل عشرات المذابح ضد أبناء الشعب الفلسطينى واستمر النضال الفلسطينى حتى الآن مرورا بأحداث 1967 التى قتلت فيها إسرائيل آلالاف المواطنين العرب، وجاء انتصار أكتوبر الذى تمكن الجيش المصرى خلاله بدعم واصطفاف عربى من تحرير سيناء من قبضة المحتل الإسرائيلى الذى تلقى هزيمة ساحقة فى ملحمة أكتوبر.
ستبقى إسرائيل أكثر كيان معاد للدول العربية فى ظل دعوات وزراء متطرفين فى حكومة اليمين بإبادة العرب بشكل كامل والتوسع الاستيطانى على حساب الدول العربية، وهو ما يروج له وزير المالية الإسرائيلى المتطرف بتسلئيل سموتريش الذى يدعم التوسع على حساب الأراضى السورية واللبنانية واحتلال المزيد من الأراضى العربية.