"ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب"، كثيراً منا يقول هذه الجملة عندما نرى شيئا فوق العادة، أو على غير المتوقع، وهذا ما ينطبق على القارئ والخطيب والإمام بمديرية أوقاف الشرقية الشيخ "عبد النبى حجازي" الذى حرمه الله من نعمة البصر فعوضه بالكثير، بحفظ القرآن الكريم فى الخامسة من عمره.
"اليوم السابع" التقى بالشيخ عبد النبى حجازى خليل الصغير الذى سرد لنا رحلته مع القرآن الكريم منذ طفولته حتى أصبح إماما وخطيبا بمديرية أوقاف الشرقية.
الشيخ عبد النبى حجازى قال فى تصريحاته لـ"اليوم السابع": ولدت فى عزبة الجمالى وهى عزبة صغيرة من توابع قرية ميت ربيعة البيضاء مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، لأبوين يعملان فى أعمال الفلاحة وكنت الابن الثانى لهما، ولدت فاقد للبصر، وعوضنى الله كثيرا، بحفظ كتاب الله كاملا فى الخامسة من عمرى.
أضاف قائلا: "ربنا له حكمة فى كل أموره وإذا أخذ من إنسان شئ عوضه خير، عندما تعلمت نطق الكلام أرسلنى والدى فى الثالثة والنصف من عمرى إلى كتاب الشيخ "محمد خليل نصار" بعزبة الجمالى الذى تربطه صلة قرابة بالأسرة، لحفظ القرآن الكريم، وقبل أن أتم الخامسة من عمرى حفظت القرآن كاملا، وكان الجميع فى دهشة حينها، كيف لطفل لم يتجاوز الخامسة يحفظ كتاب الله كاملا ؟
وبدأ الأهالى يرددون حكايتى، وعندما أتممت الخامسة من عمرى، قام أحد الشيوخ جزاه الله عنى خيرا بإخبار والدى بضرورة مشاركتى فى مسابقة ليلة القدر عام 1990 وكان عمرى 5 سنوات، وبفضل الله شاركت فى المسابقة وأبهرت شيوخ اللجنة المشرفة على الاختبارات، وقام وزير الأوقاف حينها الدكتور محمد على محجوب، وزير الأوقاف الأسبق، باختبارى بنفسه حتى يتأكد من حفظى القرآن الكريم، وبعدها تم الإرسال لنا لحضور احتفالات ليلة القدر وكانت المفاجأة بحصولى على المركز الأول، وتم تكريمى، ومنح أبى رحلة حج هديه له، وكرمت حينها من وزير الأوقاف محجوب وشيخ الأزهر ومحافظ الشرقية، وحضر فريق من الإذاعة والتليفزيون إلى منزلى الصغير لإجراء لقاءات معى ومع الأسرة وداخل كتاب الشيخ "محمد " رحمه الله.
واستطرد الشيخ "عبد النبى حجازي" صاحب الـ39 عاما فى حديثه لـ" اليوم السابع" قائلا: "بعد حصولى على المركز الأول فى مسابقة ليلة القدر، أطلق الجميع علىّ "الطفل المعجزة"، وأرسل لى الراحل الشيخ محمد الشعراوى من خلال أحد المشايخ لزيارته، وعلى الفور لبى والدى الدعوة متوجها بى إلى محل إقامة الشيخ الشعراوى، وأتذكر عندما دخلت عليه قال تعالى يا واد إنت يا معجزة أطعمنى بيده، وكانت أمنيته رحمه الله مساعدتى فى الالتحاق بإذاعة القرآن الكريم، وكلف أحد المشايخ بتعليمى أحكام تجويد القرآن، وتكفل بنفقات دراسة التجويد على يد الشيخ "سيد عبد العال " من قرية ميت حبيب، تعلمت أحكام التجويد، لكن الحقيقة بدأت أطبق الأحكام فى المرحلة الإعدادية.
أضاف الشيخ عبد النبى حجازى الخطيب والإمام بمديرية أوقاف الشرقية قائلا: "تخرجت من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، وحصلت على إجازة حفص من الشيخ "أحمد السيد عبد القادر" المقيم بقرية تل روزن والعشرة الصغرى والكبرى، وكانت أسرع إجازة أخذتها منه كانت فى العشر الكبرى، وقدمت فى مسابقة الأوقاف للتعيين إماما وخطيبا والحمد لله اجتزت الاختبارات وتم تعيينى خطيب وإمام بمسجد بعزبة الأشرم التابعة لقرية ميت ربيعة.
وتابع أنه يذهب يوميا لتأدية علمه خطيبا وإماما فى مسجد عزبة الأشرم، حيث يقطع سيرا على الأقدام بمفرده مسافة تقدر بحوالى نصف ساعة يوميا ذهابا وإيابا، واختتم حديثه أنه يتمنى السفر للمملكة العربية السعودية لتأدية فريضة الحج رفقة والدته التى تحملت كثيرا معه خلال رحلته الدراسية، ومع شقيقته الصغرى "وردة" التى ولدت أيضاً فاقدة للبصر وحفظت كتاب الله.