جنوب سيناء تحتفى بتراثها بقرية بدوية تُحاكى الماضى وتفتح أبواب المستقبل.. وجهة جديدة للسياحة الثقافية بشرم الشيخ.. معرض مفتوح لروائع الحرف اليدوية بأسعار رمزية.. وسياح ينبهرون بجمال التراث.. صور

الإثنين، 07 أبريل 2025 04:00 م
جنوب سيناء تحتفى بتراثها بقرية بدوية تُحاكى الماضى وتفتح أبواب المستقبل.. وجهة جديدة للسياحة الثقافية بشرم الشيخ.. معرض مفتوح لروائع الحرف اليدوية بأسعار رمزية.. وسياح ينبهرون بجمال التراث.. صور مشغولات من أحجار سيناء
شرم الشيخ ـ محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بدأت قرية "التراث البدوي" فى مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء أولى خطواتها نحو أن تصبح منارة ثقافية وسياحية متفردة فى قلب الجبال المحيطة بمدينة السلام، حيث تتداخل ألوان الرمال الذهبية مع زرقة السماء وصفاء الهواء، وسط الأجواء المفعمة بالأصالة والسحر فهى ليست مجرد قرية، بل حلم يتحقق على أرض سيناء، حيث يلتقى التراث بالفن والجمال فى مشهد يأسر القلوب ويُبهج الأرواح.

جانب من المعروضات
جانب من المعروضات

وانطلقت أولى فعاليات التشغيل التجريبى لقرية التراث البدوى بمنطقة السفارى بشرم الشيخ، بحضور عدد كبير من أبناء جنوب سيناء، ووفود سياحية من مختلف الجنسيات، الذين توافدوا لاكتشاف سحر البيئة البدوية الأصيلة، من خلال المعروضات الحرفية والعروض الحية والمأكولات التقليدية.

جدارية بالقرية
جدارية بالقرية

يأتى هذا المشروع الحيوى فى إطار جهود الدولة المتواصلة للحفاظ على التراث المصرى الأصيل، وعلى رأسه التراث السيناوى البدوي، وذلك بالتعاون بين محافظة جنوب سيناء ووزارة التضامن الاجتماعي، وتنفيذًا لتوجيهات اللواء الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، الذى أكد أن قرية التراث تمثل منصة متكاملة لتمكين الحرفيين، ودعم الصناعات اليدوية، وتسويق منتجاتهم فى أجواء ملهمة تعكس هوية المكان وروح الإنسان.

معروضات لمشغولات يدوية
معروضات لمشغولات يدوية

لم تكن لحظة دخول القرية عادية، بل بدت كأنها عبور إلى زمن آخر، حيث الخيام البدوية المشغولة يدويًا، وروائح الأعشاب الطبية والبخور، والموسيقى التراثية التى تنبعث من أعماق الأرض. تفاعل السياح لافتًا، فقد التقطوا الصور، وسألوا عن معانى النقوش والألوان، وتذوقوا مأكولات مثل “المنسف” و”الفتة البدوية”، وانبهروا بدقة الصناعات الجلدية، والمشغولات الخشبية، والعطور الطبيعية التى تحاكى عبق سيناء.


تقول إحدى السائحات الإيطاليات: "لم أكن أتخيل أننى سأجد هذا الكم من الجمال والتاريخ فى مكان واحد، كأننى أعيش قصة من حكايات البدو، كل تفصيلة هنا تحكى عن حضارة فريدة وشعب عظيم، إنه نوع من السياحة الثقافية التى تلامس الروح وتبقى فى الذاكرة طويلاً".

مشغولات أبدعت في صناعتها سيدات جنوب سيناء
مشغولات أبدعت في صناعتها سيدات جنوب سيناء

وشهد المعرض الأسبوعي، الذى يُقام كل جمعة وسبت من الساعة 11 صباحًا وحتى 10 مساءً، مشاركة عدد من الجهات، من بينها مديرية التضامن الاجتماعي، ومديرية الثقافة، والمجلس القومى للمرأة، ومديرية الشباب والرياضة، فضلًا عن ممثلى المبادرات الرئاسية التى تُعنى بتمكين مشروعات الشباب، ما أضفى على القرية طابعًا مجتمعيًا شاملاً يضمن إشراك مختلف فئات المجتمع فى هذه المبادرة التراثية.

تشكيلات منوعة
تشكيلات منوعة

كما أُتيح للعارضين المشاركة بسعر رمزى مقابل الخدمات الإدارية داخل القرية، فى خطوة تهدف إلى تشجيع الحرفيين وأصحاب الصناعات الصغيرة على الاستمرار وتوسيع نطاق الإنتاج، وتمكين النساء من تسويق منتجاتهن، بما يعزز دور المرأة البدوية فى الاقتصاد المحلي.

معروضات الأزياء البدوية
معروضات الأزياء البدوية

وأكد اللواء الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، أن التشغيل التجريبى للقرية يمثل الخطوة الأولى نحو التشغيل الكامل والدائم، وأنه سيتم قريبًا طرح إسناد تشغيل القرية لشركة متخصصة فى الإدارة، لضمان الاستدامة ورفع كفاءة التشغيل وفقًا لأفضل المعايير. أضاف: "نسعى لدمج القرية ضمن الخريطة السياحية للمحافظة، من خلال التنسيق مع شركات السياحة لتكون ضمن برامج الزيارات، بما يساهم فى تعزيز تجربة السائح ودعم الاقتصاد المحلي".

عارضات التراث
عارضات التراث

وأوضح المحافظ أن المشروع لا يقتصر على الترويج للتراث فقط، بل يعد من المشاريع التنموية المستدامة التى توفر فرص عمل وتفتح آفاقًا جديدة أمام الشباب، مما يدعم جهود الدولة فى دمج المجتمعات الحدودية وتحقيق التنمية المتوازنة.

اشكال تراثية منوعة
اشكال تراثية منوعة

ولا تقف أهمية قرية التراث عند حدود العرض المحلي، بل تسعى المحافظة، بالتنسيق مع الجهات المعنية، إلى الترويج للمنتجات اليدوية السيناوية فى جميع الفعاليات الدولية والمحلية، بهدف فتح أسواق جديدة للتصدير، وتقديم هذه المنتجات كهوية مصرية أصيلة تليق بسمعة مصر فى المحافل العالمية.

مشغولات من أحجار سيناء
مشغولات من أحجار سيناء

كما تم تصميم القرية لتكون نقطة جذب سياحى وثقافي، إذ تقع فى موقع استثنائى بقلب الجبل، بالقرب من مناطق رحلات السفاري، ما يمنح الزائرين تجربة متكاملة من المغامرة والاستكشاف والمعرفة، وتحتوى القرية على مساحات مخصصة لورش العمل الحية، حيث يمكن للزوار تعلم أساسيات الحرف اليدوية والتفاعل المباشر مع الحرفيين.

من داخل القرية
من داخل القرية

القرية لا تبيع منتجات فقط، بل تروى حكايات.. كل قطعة تُعرض داخلها هى ترجمة لحياة البدو، ومعاناتهم، وابتكاراتهم، وموروثهم الذى صمد عبر الأجيال. إنها دعوة مفتوحة للزوار من جميع أنحاء العالم للتعرف على نمط حياة بسيط، عميق، غنى بالتقاليد، ومفعم بالإبداع.

ومن خلال هذه التجربة الحية، تسعى الدولة إلى إعادة إحياء هذا التراث وجعله موردًا اقتصاديًا واجتماعيًا مستدامًا، ضمن رؤية شاملة لتمكين المجتمعات المحلية، والحفاظ على تنوع مصر الثقافي.

ويؤكد المسئولون أن المشروع يمثل نموذجًا يُحتذى به فى بقية المحافظات التى تزخر بتراث شعبى غنى لم يُستثمر بعد. ومن اللافت أيضًا مشاركة شباب وفتيات من أبناء البدو الذين تلقوا تدريبات متخصصة فى الحرف اليدوية والتسويق، وأصبحوا اليوم من أبرز العارضين فى القرية.

لم تكن قرية التراث البدوى مجرد حدث افتتاحي، بل بداية قصة أكبر، قصة تتعلق بالهوية والكرامة والتنمية.. إنها منصة تنموية وثقافية، وفرصة لتلاقى الأجيال، وجسر بين الماضى والحاضر، ومصدر إلهام لكل من يؤمن بأن التراث ليس شيئًا نحتفظ به فقط، بل نُحييه ونبنيه من جديد.. وها هى جنوب سيناء، بكل ما فيها من جمال طبيعى وإنساني، تفتح أبوابها أمام العالم، لتقول: "هنا التاريخ.. هنا الأصالة.. هنا المستقبل"..

مقر القرية التراثية
مقر القرية التراثية






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة