حى الإفرنج فى الإسماعيلية لوحة فنية تسر الناظرين.. أنشئ على الطراز الفرنسى ومبانيه كولونية الطابع.. يضم 370 فيلا وسكنه اليونانيون والفرنسيون ومازال يحتفظ بجماله رغم مرور مئات السنين.. صور

الأحد، 06 أبريل 2025 02:00 ص

احد شوارع حى الإفرنج بالإسماعيلية

الإسماعيلية – صبرى غانم

حى الإفرنج التابع لحى أول الإسماعيلية يعتبر حيا فرنسى الطابع، داخل مدينة الإسماعيلية حيث يقع بمحازاة المجرى الملاحى للقناة راسما لوحة فنية تسر الناظرين إذ ينطق بمبانيه كولونية الطابع، وحدائقه الغناء التى تتضمن أندر أنواع الزهور والفواكه وأشجار الزينة، والاشجار المعمرة ومن بين هذه الاشجار شجرة التين البنغالى التى تتصف بكل أشكال الجمال، وحى الافرنج ملمح رئيسى تشعر كأنك فى دولة أوروبية أو فى فرنسا عندما تتجول فى شوارعه الواسعة أو تسير بين مبانيه ويستطيع أن يتلمسه الزائر فى كل زاوية وركن من هذا الحى العتيق، الذى وضع حجر أساسه الأول المهندس الفرنسى هوسمان، الذى كلف بتخطيط المدينة بتكليف مباشر من الخديوى إسماعيل قبيل سنوات من افتتاح قناة السويس.

وتوجد منطقة الإفرنج على بعد أمتار من شارع السلطان حسين فقط يفصلها حدائق الملاحة، والتى مازالت تحتفظ بطابعها المعمارى حتى هذه اللحظة وهى تتبع هيئة قناة السويس ولا يسمح فيها بالهدم أو البناء وتقوم إدارة الصيانة بقناة السويس بجميع أعمال الصيانة والترميم والنظافة مع الحفاظ على طابع المنطقة التى يقيم فيها الآن كبار قيادات هيئة قناة السويس.

حيث يتميز حى الإفرنج بإطلالته الساحرة على القناة وبحيرة التمساح، فضلاً عن اتساع شوارعه ودقة تنظيم ميادينه، إلى جانب ما يحفل به من أبنية كولونية الطابع، تتناثر وسط حدائق شاسعة على صورة فيلات صغيرة بحدائق إضافية ذات أسوار خشبية قليلة الارتفاع.

تلك البنايات كولونية الطابع على شوارع حى الإفرنج بمدينة الإسماعيلية فى مصر، كشاهد على واحد من أخطر وأهم فصول تاريخ مصر الحديث، فعلى الرغم من أن الاحتلال الفرنسى لمصر لم يستمر سوى ثلاث سنوات فقط، إلا أن الآثار التى تركها الفرنسيون خلفهم فى مختلف مناحى الحياة لا تزال حاضرة حتى اليوم، لتتجسد فى هذا الحى العريق المطل على قناة السويس، والذى لا يخلو شارع أو بناية أو حديقة فيه من ملمح فرنسى أصيل.

ويبلغ تعداد الفيلات ما يقارب ٣٧٠ فيلا وعمرها يزيد عن ١٥٥ عام وهى الفلل التاريخية التى شيدها الفرنسيون خلال إدارتهم للمجرى الملاحى لقناة السويس، وكان العاملون بهيئة قناة السويس من الأجانب يعيشون فى هذه الفيلات والتى تم إنشائها على التراث الفرنسى، ظنًا من الفرنسيين أنهم سيظلون مسيطرين على قناة السويس ويعيشون بالإسماعيلية أبد الدهر، لكن مع قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، تم تأمين هذه الفلل وتم تخصيصها للعاملين بهيئة قناة السويس من المصريين بشكل مؤقت طوال فترة عملهم.

وحرص الفرنسيون على تصميم شبابيك الفيلل طويلة مرتفعة بطول الحجرات حتى يصبح المناخ فى تلك الفيلات متقارب للمناخ فى فرنسا حيث أن مناخ مصر كان حارًا بالنسبة لهم، وتصميم الفيلات من الداخل خشبيًا ويتكون من دورين، وكل فيلا متصل بها حديقة صغيرة، وتختلف مساحة كل حديقة عن الأخرى، وكل فيلا بها سلم خشبى، يربط الطابق الأرضى بالدور العلوى، وكل حجرة من الفيلات لها بابان، وكل باب يجعل الحجرة متصلة بحجرة أخرى، وسقف الفيلات جميعه مرتفع، لجعل المناخ أيضا مقارب ولو بشكل بسيط لمناخ فرنسا.

وكان اهالى الاسماعيلية يطلقون على حى الإفرنج "الكاريه" ومازال هذا الاسم يتردد عند كبار السن فى المدينة حتى الآن، وكلمة كارية هى كلمة فرنسية معناها باللغة العربية المربع، وعندما قام المهندس الفرنسى الموكل بتخطيط مدينة الإسماعيلية بعد انتهاء حفر قناة السويس، قام بتقسيم المدينة إلى مربعات، كل مربع يحمل اسم حى من الأحياء مازالت الأسماء موجودة حتى الآن، فبدأ بمربعين المربع الأول حى الإفرنج والذى يقيم فيه الأجانب وكبار العاملين بقناة السويس من الفرنسيين واليونانيين وغيرهم، وحى العرب والذى يقيم فيه باقى المواطنين من أبناء مصر والدول العربية.

وقال المؤرخ والكاتب عبد الغنى الجندى أمين عام مركز الإسماعيلية للوثائق رحمة الله عليه، أنه عندما رسم المهندس الفرنسى خريطة تخطيط المدينة كان هناك فى حى الإفرنج أو الحى الأجنبى مربعيين، مربع رقم واحد ومربع رقم أثنين والمربع رقم واحد يقع بين شارعى، لوبير وشارع ليسيو، وكان يسكن فى هذا الحى جالية يونانية عبارة عن أسرتين من اليونان، وكانت مشهورة فكان أهل المدينة عندما يتحدثون دائما ينطقون هل أنت ذاهب إلى "الكارية" أى بمعنى أنت ذاهب إلى المربع المتواجد فيه الجريج أو اليونانيين.

وأشار الجندى، إلى أنه من المعروف أن حى الإفرنج هو من الأحياء العريقة فى مدينه الإسماعيلية، حيث أنه أول حى تم تخطيطه وتشييده فى المدينة والمتواجد به أول شارع تم تشييده وهو شارع الإمبراطورة أوجينىا، وأول ميدانين وهما ميدان شمبليون وميدان ليبنتز، وبه فيلا دى ليسبس المشهوره والمتواجدة فى شارع محمد على وشارع سالا، وهذا الحى العريق الذى كان به 8 جاليات أجنبية أكثرها الجالية اليونانية التى يسكن بعضها فى الكاريه carre، وكانت كل منازل الكاريه من طابق أو طابقين ويطلق عليه الكاريه أو المربع اليونانى.

يذكر أن حى الإفرنج يقيم به حاليا، كبار العاملين بهيئة قناة السويس من ربابنة ومرشدين ومديرين ويقع بالقرب من شاطئ قناة السويس، وتشرف علية هيئة قناة السويس ويوجد به حدائق الملاحة ومنطقة نمرة 6 ونادى وشاطئ والدنفاه ومازال يحتفظ بنفس الشكل المعمارى الذى تم إنشائه من قبل الشركة الفرنسية، وكل فيلا تضم طابقين فقط وسقف الفيلا على شكل قبو، ومحاط بالجناين والأشجار، مع تنسيق الشوارع وانتظامها.

تخضع بيوت الفرنسيين فى حى الإفرنج بالإسماعيلية لعميات صيانة دورية، تشمل أعمال الترميم اللازمة للحفاظ على صورتها الأصلية، وما تتضمنه من فرش تتميز بالبساطة والدقة فى أعمال الديكور.