أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضارى برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، اسم محمد يوسف مرسى، فى مشروع حكاية شارع، حيث تم وضع لافتة تحمل اسمه وكل المعلومات على أحد الشوارع بمنطقة مدينة نصر.
ولد "محمد يوسف موسى" بمدينة "الزقازيق" بالشرقية في يونيو 1899، وقد بدأ حفظ القرآن وهو صغير، حتى أتم حفظه وهو في الثانية عشر من عمره. التحق بالأزهر الشريف، ونال الشهادة العالمية عام 1925، عين محمد يوسف موسى مدرسًا بمعهد الزقازيق، لكنه فصل بعد ثلاث سنوات، لسقوطه في الكشف الطبي بسبب ضعف بصره، وكان هذا الاجراء واردًا ومعتادًا في تعامل الحكومة مع الموظفين، لذلك اتجه إلى تعلم اللغة الفرنسية لتكون وسيلته لدراسة الحقوق والاشتغال بالمحاماة. وقد تمكن من اتقان الفرنسية بسرعة، ومن ثم فإنه اشتغل بالمحاماة الشرعية متدربًا في مكتب "محمد بك عز العرب" المحامي الشرعي الشهير، وسرعان ما أصبح محاميًا لامعًا.
ولما تولى الشيخ "محمد مصطفى المراغي" مشيخة الأزهر في المرة الثانية عين محمد يوسف بالأزهر الشريف عام 1937 ، وترك المحاماة مع ما هو معروف عن دخلها العالي ليعمل بالأستاذية الازهرية، وقد عين أولًا مدرسًا في معهد طنطا، وسرعان ما اختير في عام 1938 مدرسًا بكلية أصول الدين، حيث درّس فيها الفلسفة والأخلاق بمنهج جديد لم يكن معروفًا ولا مألوفًا في الأزهر من قبل، وأخذ يكتب في المجلات الثقافية الشهيرة عن المجالات العلمية والتعليمية وإصلاح الأزهر والتعليم والإصلاح الفقهي، كما بدأ يترجم عن الفرنسية بعض الدراسات الخاصة بتاريخ الفلسفة في الشرق والغرب.

محمد يوسف موسي
وفي صيف 1938 سافر محمد يوسف إلى فرنسا للاتصال بأساتذة الفلسفة في جامعة باريس من أجل الدراسة للحصول على درجة الدكتوراة في الفلسفة، وهناك ساعده المستشرق الفرنسي "ماسينيون"، واتفق معه على خطة الدراسة والبحث، وفي عام 1939 سافر محمد يوسف إلى فرنسا لكنه سرعان ما عاد بسبب اندلاع الحرب العالمية واتصل بالشيخ "مصطفى عبد الرازق"، وكان آنذاك أستاذًا للفلسفة بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا). وبعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية نال محمد يوسف إجازة دراسية من وظيفته في الأزهر بدون مرتب وسافر على نفقته الخاصة.
وبعد ثلاث سنوات من الدراسة والبحث في جامعة السوربون حصل محمد يوسف موسى على درجة الدكتوراة من عن "الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط"؛ وقد ناقشته كما هو الحال في دكتوراه الدولة لجنة خماسية رأسها العلامة “ليفي بروفنسال”، وبذلك حقق محمد يوسف السبق في أن يكون أول أزهري ينال هذه الدرجة العلمية الممتازة في ذلك الزمن الوجيز. ومن الجدير بالذكر أن الدكتور “طه حسين” حرص على حضور مناقشته لهذه الدرجة، بعد حصوله على الدكتوراة انتدبه الأزهر لقضاء شهرين في رحلة علمية بإسبانيا وبلاد المغرب العربي للاطلاع على نفائس التراث الإسلامي في الفلسفة والعلوم الإسلامية المختلفة.
كان الدكتور طه حسين قد عرض على الدكتور محمد يوسف الانتقال للتدريس بجامعة القاهرة، لكنه آثر البقاء في الازهر، وفي 1952 أعلنت جامعة القاهرة عن وظيفة أستاذ مساعد للشريعة الإسلامية فتقدم لها، وفي 1955 انتقل لجامعة عين شمس ليشغل درجة أستاذ كرسي الشريعة، وبقي الدكتور محمد يوسف أستاذًا ورئيسًا لقسم الشريعة في حقوق عين شمس حتى أحيل للتقاعد في 1959
انتدب محمد يوسف ثلاث مرات لتدريس الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة الخرطوم فأضفى على هذه الدراسات الطابع الإسلامي والعربي والجاد، وفرض في قانون الكلية ألا يتولى الامتحانات والتدريس إلا أساتذة الشريعة المسلمون، وقد اتصل محمد يوسف بوجوه الحياة السياسية في السودان وكان السيد “عبد الرحمن المهدي” حفيا به وباستقباله.
وفي عام 1960 عرض عليه وزير الأوقاف “أحمد طعيمة” التعاون معه مستشارًا للوزارة فقبل، وبذل جهدا كبيرًا بدأه بالمساعدة في التخطيط لإصدار تفسير عصري للقرآن الكريم، وكتاب فقهي موحد، وإصدار مجلة (منبر الإسلام)، كما كان له دور بارز في تأسيس العملين الكبيرين الذين تمّا في عهد الوزير طعيمة؛ وهما مؤسسة الزكاة والمصحف المرتل بيد أنه ترك مسئوليته في وزارة الأوقاف عندما تولاها الدكتور “محمد البهي”.
كان الدكتور محمد يوسف موسى شعلة من النشاط في الحياة العامة والصحفية، وكان من دعاة إصلاح الأزهر وإصلاح التعليم، وفتح باب الاجتهاد، وكان مشتبكًا مع الحياة الثقافية بذكاء واحترام وإنصاف، وعلى سبيل المثال فإنه حين نقد الدكتور “محمد نجيب البهيتي”، أستاذ الأدب العربي في الجامعة الأمريكية، الدكتورة “عائشة عبد الرحمن” بقسوة فإنه تصدى له وأثبت له تجاوزه في حق الأدب والنقد.
اختير الدكتور محمد يوسف موسى خبيرًا في لجنة الفلسفة بالمجمع اللغوي بالقاهرة، وقد رشحه لها أستاذه ماسينيون، وظل بعد عودته من فرنسا يشارك في أعمال هذه اللجنة، وقد رشح لعضوية المجمع إلا أن الزمن لم يسعفه بالفوز.
وكان الدكتور محمد يوسف من مؤسسي جماعة الأزهر الشريف للنشر وقد رأس هذه الجماعة التي قدمت أعمالا قيمة، كذلك شارك بنشاطه المتقد في لجان إصلاح التعليم في وزارة التربية والتعليم وفي أنشطة إصلاح الأسرة في وزارة الشئون الاجتماعية. كما كان من أصحاب البرامج الثابتة في الإذاعة، وكان يتولى أيضًا تقديم البرامج الدينية في الإذاعة الموجهة. وقد ظل الدكتور محمد يوسف يمارس نشاطه حتى تفاقم عليه مرض السكر فكان يُملّي على من يسجل خواطره.
وقد نجح الدكتور محمد يوسف في كتابه “أحكام الأحوال الشخصية في الفقه الإسلامي” أن يلخص بعض ما تأخذ به المحاكم الشرعية في السودان، وهو مجال لم يتعهده المصريون بدراستهم ولا يزالون يهملون تعهده بالمقارنة اكتفاء بما يعرفونه عن بلادهم، وقد أشار في كتابه عن تاريخ الفقه إلى أن العلامة الدكتور السنهوري هو الذي أشار عليه بكتابة تاريخ الفقه الإسلامي، ولهذا فإنه أهدى إليه هذا الكتاب بحروف المطبعة، وهذا الكتاب لم يؤرخ للفقه الإسلامي في كل العصور، وإنما أرّخ فقط لعصر الاجتهاد الأول.
وقد ظل الدكتور محمد يوسف يعمل بالإفتاء حتى يوم وفاته، إذ ترك على مكتبه فتاوى وإجابات للشعوب الأفريقية الآسيوية أذيعت بعد وفاته.
وفي مجال التراجم درس الدكتور محمد يوسف حياة اثنين من الفلاسفة هما ابن سينا وابن رشد فقد كان من الذين عنوا بتراجم الفقهاء الكبار وله ترجمتان مشهورتان لأبي حنيفة وابن تيمية، وكان على سبيل المثال يرى أن الاتجاهات العامة في فقه أبي حنيفة هي التيسير في العبادات والمعاملات ورعاية جانب الفقير والضعيف وتصحيح تصرفات الإنسان بقدر الإمكان ورعاية حرية الإنسان وإنسانيته ورعاية سيادة الأمة متمثلة في الإمام كتب الدكتور محمد يوسف في مجلات الأزهر والرسالة والمسلمون والمجلة، وتضمنت بعض مقالاته نقدًا حيًا لمؤلفات معاصرة تاريخية أو أدبية وفقهية وفلسفية.
جمعت كتابات الدكتور محمد يوسف موسى ومؤلفاته ومقالاته ما بين الأخلاق والشريعة وعلم الكلام والترجمة والتحقيق، ثم المؤلفات الإسلامية العامة. بعض هذه المؤلفات ترجم عن الفرنسية في الفلسفة والشريعة، ومنها بحث في الفرنسية نشره 1995 بالقاهرة في عدد خاص بذكرى ابن سينا، بالإضافة إلى رسالة الدكتوراه التي كتبت بالفرنسية ثم ترجمها بعد ذلك إلى العربية.