ما زالت صرخات الأرض الفلسطينية تتردد في أرجاء العالم، في حين تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في تدمير كل ما هو حي، لتضاف صفحات جديدة من الجرائم التي ترتكب بحق شعبٍ يعشق الحياة، لكنه يواجه الموت على مرأى ومسمع من الأمم.
بداية العملية البرية في رفح الفلسطينية، إلى جانب القصف العنيف الذي لا يتوقف في العديد من المناطق، تُسجل ارتفاعًا مضطردًا في عدد الشهداء من المدنيين الذين يُسطرون بدمائهم أسمى معاني التضحية في مواجهة قوى الاحتلال الغاشم.
رفح، تلك المدينة العريقة التي كانت وما زالت رمزًا لصمود الشعب الفلسطيني، بأشجار برتقالها التي تعطر الأفق، وببوابة صلاح الدين التي تفتح أبواب التاريخ، ترفض الاحتلال لأرضها الطاهرة.
على شاطئها الذي ينساب فيه ماء البحر ليعانق الرمال الذهبية، كانت تتناثر في يوم من الأيام قصصٌ عن الحياة، واليوم تصطف في أرجائها الآلام والدماء، فيما تزداد معاناتها بتهجير أبنائها، وهم يرون وطنهم يُدنّس على مرأى من العالم.
وفي قلب غزة، حيث يصدح أذان المسجد العمري، الأعرق في المدينة، تحاول المدينة الصامدة أن تقاوم قسوة الزمن، وأصوات الكنائس البيزنطية وأجراسها تُضفي على هذا المشهد عبقًا من التاريخ.
فقلعة برقوق الصامدة، التي شيدت على أنقاض الزمن، تتحدى المدى والموت، لتقف شاهدة على عظمة الصمود الفلسطيني الذي لا يعرف الاستسلام.
غزة، على الرغم من تدميرها وتقطيع أوصالها، ما زالت تحمل في شوارعها، في أزقتها، وفي قلوب أبنائها، شجاعةً لا تنكسر.
أما مصر، التي كانت وما زالت حاضنةً للقضية الفلسطينية، فموقفها ثابت كما هو منذ البداية، تدعم حقوق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه بأمان، وتنادي بضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة.
من خلال مواقفها الداعمة، تأكدت مصر للعالم أجمع أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية إنسانية تتطلب تضافر جهود الجميع.
اليوم، بينما تتابع القلوب قبل العيون ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، ترتفع أكف الدعاء، ويتمنى الجميع لشعب فلسطين أن يحقق النصر المبين، فقد اعتاد هذا الشعب على التحدي، وعلى الصمود أمام أقسى الظروف، وهو لا يزال يقاوم، يرفع صوته، ويؤمن أن يومًا ما ستشرق شمس الحرية على أرضه، مهما طال الزمن، ومهما ازدادت التضحيات.