يحتفل الكثيرون اليوم بمناسبة عيد شم النسيم، الذى يعد واحدًا من أقدم الأعياد التي احتفل بها المصريون القدماء منذ آلاف السنين، ويرتبط عيد شم النسيم ببداية فصل الربيع حيث تتجدد الطبيعة، ويتميز هذا اليوم بمجموعة من التقاليد والعادات المختلفة مثل الخروج إلى الحدائق وتليون البيض وغيرهم من العادات الأخرى، وقد ارتبطت بعض الأطعمة بعيد شم النسيم منذ آلاف السنين ومنهم الأسماك المملحة والبصل والخس والحمص، حسب ما جاء في كتاب طقوس احتفالات المواسم والأعياد الربيعية من تأليف مصطفى الصوفي في فصل بعنوان "أطعمة شم النسيم".
البيض الملون
يعد البيض الملون مظهرًا من أهم مظاهر عيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق) وبدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع مع بداية ظهور عيد الخلق حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (أخناتون) وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم.
ويعتقد المصريون القدماء أن معبودهم معبود الشمس خرج من بيضة كبيرة معلنًا بدء الخليقة، إشارة إلى ولادة الحياة من الجماد والبعث بعد الموت في عملية تشبه خروج النبات من البذور.
وكان المصريون ينقشون على البيض بألوان مختلفة الدعوات والأمنيات ويجمعونه في سلال ويتركونه في شرفات المنازل أو يعلقونها على فروع الأشجار حتى تتلقى بركات المعبود شمس عند شروقه فتحقق أمنياتهم، ويبداون العيد بتبادل التحية (بدقة البيض)، ثم أخذها العالم عنهم وأصبحت عادة منتشرة في عيد الفصح الذى يتزامن مع شم النسيم ويرمز إليه بشكل من الأشكال.

بيض شم النسيم
البصل
وظهر البصل ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة الفرعونية السادسة وقد ارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة التي تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد، وكان محبوباً من الشعب، وقد أصيب الأمير الصغير بمرض غامض عجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه، وأقعد الأمير الصغير عن الحركة، ولازم الفراش عدة سنوات، امتُنِع خلالها عن إقامة الأفراح والاحتفال بالعيد مشاركة للملك في أحزانه.
وكان أطفال المدينة يقدمون القرابين للمعبودات في المعابد في مختلف المناسبات ليشفى أميرهم، واستدعى الملك الكاهن الأكبر لمعبد أمون، فنسب مرض الأمير الطفل إلى وجود أرواح شريرة تسيطر عليه، وتشل حركته بفعل السحر.
وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير في فراش نومه عند غروب الشمس بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها عند شروق الشمس في الفجر ووضعها فوق أنفه ليستنشق عصيرها.
كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل الطازج فوق السرير وعلى أبواب الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة.
وتشرح الأسطورة كيف تمت المعجزة وغادر الطفل فراشه، وخرج ليلعب في الحديقة وقد شفى من مرضه الذي يئس الطب من علاجه، فأقام الملك الأفراح في القصر لأطفال المدينة بأكملها، وشارك الشعب في القصر في أفراحه، ولما حل عيد شم النسيم بعد أفراح القصر بعدة أيام قام الملك وعائلته، وكبار رجال الدولة بمشاركة الناس في العيد، كما قام الناس بتعليق حزم البصل على أبواب دورهم، ثم احتل البصل الأخضر مكانه على مائدة شم النسيم بجانب البيض والفسيخ.
وما زالت عادة وضع البصل تحت وسادة الأطفال، وتنشيقهم لعصيره، أو تعليق حزم البصل على أبواب المساكن أو الغرف أو أكل البصل الأخضر نفسه مع البيض والفسيخ من العادات والتقاليد المتبعة إلى الآن في مصر وفي بعض الدول التي تحتفل بعيد شم النسيم أو أعياد الربيع وما زال الاعتقاد سائدا حتى اليوم أن رانحته البصل تبعد الأرواح الشريرة عن موتاهم وتساعدهم على ذرف الدموع عليهم فيحملون باقات البصل الأخضر معهم مع باقات الزهور عند زيارة قبور موتاهم.

البصل
الخس
وكان الخس من النباتات المهمة التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها ونضجها، وقد عرف ابتداء من الأسرة الفرعونية الرابعة حيث ظهرت صوره من سلال القرابين التي يقربونها لآلتهم بورقه الأخضر الطويل وعلى مواند الاحتفال بالعيد، كما اعتبره المصريون من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود (من) معبود التناسل، ويوجد رسمه منقوشا دائما تحت أقدام المعبود في معابده ورسومه، ومنها تعود الناس في مصر أكل (الخس) في هذا الموسم اعتقادا منهم أنه يمنحهم القدرة على الخصوبة وتجدد الحياة.

الخس
الحمص
وهي ثمرة الحمص الأخضر، وأطلق عليه المصريين اسم رأس الصقر لشكل الثمرة التي تشبه رأس حور الصقر المقدس عندهم.
وكانوا يعتبرون نضج الثمرة وامتلاءها إعلانا عن ميلاد الربيع أيضا.
وكانت الفتيات يصنعن من حبات حمص الملانة الخضراء عقودا، وأساور يتزين بها في الاحتفالات بالعيد، كما يقمن باستعمالها في زينة الحيطان ونوافذ المنازل في الحفلات المنزلية.