بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سباقا من صنع نفسه للتفاوض على عشرات الصفقات التجارية قبل انتهاء مهلة الـ 90 يوما التي سمح فيها بتعليق معظم الرسوم التجارية، وهي محادثات يقول الخبراء والمفاوضون انها ستواجه عقبات استراتيجية بسبب جدول ترامب المضغوط.
أعلن ترامب الأسبوع الماضي تعليق بعض رسومه الجمركية العالمية الشاملة مؤقتًا لمنح إدارته وقتًا للتوصل إلى صفقات تجارية مع 75 دولة، قال إنها تواصلت مع البيت الأبيض لتقديم تنازلات وبينما صرح لاحقا أن التوقف كان مدفوعًا أيضًا بتقلبات أسواق الأسهم والسندات، سعى كبار مسؤولي الإدارة إلى تصوير هذه الخطوة كمثال على براعة ترامب في عقد الصفقات.
لكن مفاوضين تجاريين سابقين قالوا إن ترجمة هذا التواصل الأولي من الدول إلى صفقات تجارية فعلية، وخاصة في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة، لن يكون سهلاً. وأضافوا أن ذلك من المرجح أن يحد من المكاسب المحتملة التي يأمل ترامب في تحقيقها من هذه المحادثات.

وفقا لشبكة ان بي سي، العديد من الحواجز التجارية المهمة التي تفرضها الدول موجودة لحماية صناعة محلية رئيسية، أو بسبب اختلاف وجهات النظر حول معايير الصحة والسلامة مقارنة بالولايات المتحدة، كما هو الحال في المنتجات الغذائية. وسيتطلب حسم الاختلافات مع مراعاة الفروق السياسية والثقافية المختلفة لكل دولة مناقشات متبادلة قد تستغرق شهورًا، ويشارك فيها عشرات المسؤولين من مختلف أنحاء الحكومة الفيدرالية.
قال وارن ماروياما، الذي عمل على صفقات تجارية خلال إدارة جورج دبليو بوش بصفته المستشار العام لمكتب الممثل التجاري الأمريكي: "يمكن أن تكون مفاوضات التجارة قاسية، وقد تستغرق سنوات". وأضاف: "لا أعتقد أن الأمر سيكون سهلاً كما يصوره البعض".
ونظرًا للجدول الزمني، قال ماروياما إنه من غير المرجح أن تجري الولايات المتحدة أي إصلاحات جذرية في التجارة، وخاصة مع أكبر شركائها التجاريين، مثل اليابان والاتحاد الأوروبي. بل من المرجح أن تتمكن من الحصول على تخفيضات نسبية من الدول على معدل التعريفات الجمركية لبعض الصادرات الأمريكية، أو اتفاقيات مع الدول لشراء كمية معينة من المنتجات الأمريكية.
قال مايرون بريليانت، الذي شارك في جميع مفاوضات التجارة الأمريكية منذ ثمانينيات القرن الماضي كممثل للقطاعات الخاصة: "لن تكون هذه مفاوضات تجارية متعددة المستويات. سنحصل في نهاية هذه المفاوضات على رسائل تفاهم من صفحة واحدة أو صفحتين" وأضاف: "ربما تحقق هذه المفاوضات مكاسب للإدارة والشركات الأمريكية والعمال الأمريكيين. لكنها لن تُحدث تغييرًا جذريًا في طريقة عملنا".
وقالت ان بي سي ، ان مفاوضات التجارة قد تتطلب مشاركة موظفين من مختلف الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك الخزانة والتجارة والخارجية والعمل ومكتب الممثل التجاري الأمريكي. إذا كانت بعض المنتجات، مثل لحوم البقر أو النفط والغاز، قيد المناقشة، فسيشارك مسؤولون من وزارتي الزراعة والطاقة أيضًا، لإعطاء فكرة عن كيفية تأثر الصناعات الأمريكية.
لكن العديد من المسؤولين في هاتين الوزارتين لم يتسلموا مناصبهم إلا مؤخرًا، نظرًا لأن إدارة ترامب لم تتجاوز 100 يوم في الوقت نفسه، عملت وزارة الكفاءة الحكومية التي يقودها ايلون ماسك تحت إدارة البيت الابيض على تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين في هذه الوكالات

قال أليكس جاكيز، الذي عمل في المجلس الاقتصادي الوطني خلال إدارة بايدن، إن العديد من الموظفين الذين عمل معهم في المكتب التجاري غادروا في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى تقليص عدد الموظفين في قطاع يعاني أصلًا من نقص في الحكومة الفيدرالية.
ألمح ترامب الأسبوع الماضي إلى أنه قد يستعين بقوى عاملة إضافية لمفاوضاته التجارية من شركات محاماة خاصة أبرمت صفقات مع البيت الأبيض. تشمل الشروط اتفاقيات لتوفير عمل قانوني مجاني مقابل تجنب القيود المحتملة التي هدد ترامب بفرضها على الشركات التي مثلت عملاء أو قضايا يعارضها.
وقال مسؤولون تجاريون سابقون إن هذه ستكون خطوة غير مسبوقة إلى حد كبير. فبينما تشاورت الإدارات السابقة مع مجموعات صناعية أو نقابات خارجية بشأن الصفقات التجارية لمعرفة وجهات نظرها، فإن المسؤولين الحكوميين هم المكلفون بالتفاوض نيابةً عن حكومة الولايات المتحدة وضمان امتثال أي اتفاقيات تجارية للقوانين الأمريكية.
إحدى الطرق السريعة نسبيا التي يمكن لترامب من خلالها الحصول على بعض الصفقات على طاولة المفاوضات هي إقناع الدول بالموافقة على شراء كمية معينة من السلع الأمريكية، مثل المنتجات الزراعية أو المعدات الصناعية، بدلًا من إزالة أي حواجز تجارية أو تعريفات جمركية قائمة، وأشار التقرير الى انه من المرجح ألا تحقق هذه الخطوات أهداف ترامب الأوسع نطاقًا المتمثلة في إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، وستكون مشروطة بتنفيذ الدولة لتلك المشتريات.
وحتى الآن، صرح البيت الأبيض بأنه عقد اجتماعات تجارية مع فيتنام واليابان والاتحاد الأوروبي. صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في مقابلة هذا الأسبوع على قناة بلومبرج بأنه من غير الواضح العدد الدقيق للصفقات التجارية التي تخطط الولايات المتحدة للوصول إليها خلال فترة التوقف التي تستمر 90 يومًا والتي أعلن عنها في 9 أبريل.
وأشار إلى أنه قد لا تكون هناك بالضرورة صفقات تجارية شاملة مع جميع الدول، بل "اتفاقيات مبدئية"، مع قدرة الولايات المتحدة ونظرائها على وضع التفاصيل لاحقًا، لكن بيسنت قال إن الولايات المتحدة لا تتطلع فقط إلى تخفيض الدول لرسومها الجمركية على السلع الأمريكية، بل أيضًا إلى إزالة القيود الأخرى المفروضة على الواردات الأمريكية، وهو أمر أقر بأنه قد يكون أكثر صعوبة.