سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 أبريل 1963.. إعلان ميثاق الوحدة بين مصر وسوريا والعراق باسم «الجمهورية العربية المتحدة» والقاهرة العاصمة و«ثلاث نجوم» للعلم و«العربية» جنسية مواطنيها

الخميس، 17 أبريل 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 أبريل 1963.. إعلان ميثاق الوحدة بين مصر وسوريا والعراق باسم «الجمهورية العربية المتحدة» والقاهرة العاصمة و«ثلاث نجوم» للعلم و«العربية» جنسية مواطنيها عبد الناصر يستضيف في القاهرة كلا من البكر والأتاسي

كانت الساعة فى تمام الواحدة صباحا من يوم 17 أبريل، مثل هذا اليوم، عام 1963، حين قام جمال عبدالناصر، رئيس الوفد المصرى، وأحمد حسن البكر، رئيس الوفد العراقى، ولؤى الأتاسى، رئيس الوفد السورى، بالتوقيع على ميثاق قيام «جمهورية عربية متحدة» تضم الدول الثلاث، مصر وسوريا والعراق، وبعد انتهاء حفل التوقيع ألقى جمال عبدالناصر كلمة قصيرة قال فيها: «باسم الأمة العربية نطلب من العلى القدير، أن يوفق هذه الوحدة ويباركها ويديمها ويقويها ويعززها، لكى يفخر بها الشعب العربى، ونطلب من الله أن تكون هذه الوحدة نواة وحدة بين جميع الدول العربية، وأن يساعدنا فى سبيل مصلحة الشعب العربى».

تمت هذه الخطوة بعد نحو عام ونصف العام من فشل الوحدة بين مصر وسوريا التى بدأت يوم 22 فبراير عام 1958، وحملت اسم «الجمهورية العربية المتحدة»، لكن هذه التجربة الوحدوية العربية الأولى والأخيرة فى تاريخ العربى الحديث أجهضت بعد ثلاث سنوات بانقلاب فى سوريا أدى إلى الانفصال يوم 28 سبتمبر 1961، وشهدت سوريا بعد هذا الانقلاب حالة من عدم الاستقرار، بلغ ذروته بوقوع انقلاب يوم 8 مارس 1963، وأعلن قادته أنهم يسعون إلى العودة إلى الجمهورية العربية المتحدة، وقبلها بشهر وبالتحديد يوم 8 فبراير شهد العراق انقلابا ضد حكم عبدالكريم قاسم يعلن التوجه إلى الوحدة العربية.

بعد انقلاب مارس 1963 عمت المظاهرات الشعبية فى سوريا مطالبة قادة الانقلاب بسرعة التفاوض مع مصر من أجل الوحدة، ولم تجد هذه القيادات بدا من الاستجابة إلى هذه المطالب، فاتصلت بجمال عبدالناصر للتفاوض حول ذلك، وبالفعل بدأت المحادثات فى القاهرة يوم 14 مارس 1963 بين مصر وسوريا والعراق، وحسب كتاب «محاضر جلسات الوحدة»، الذى أعده الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، وضم محاضر كل جلسات هذه المحادثات، شملت المرحلة الأولى خمسة اجتماعات صباحية ومسائية ودامت يومين، وحضر عن مصر جمال عبدالناصر، وعبداللطيف البغدادى، وعبدالحكيم عامر، وكمال الدين حسين، وعلى صبرى، وأمين هويدى، وعبدالمجيد فريد، وحضر من الجانب العراقى، على صالح السعدى، ومهدى عماش، وطالب شبيب، وعبدالرحمن البزاز، وحضر من الجانب السورى، نهاد القاسم، وعبدالحليم سويدان، وعبدالكريم زهور، وراشد قطينى، وزياد الحريرى، وفواز محارب، وفهد الشاعر.

عاد الوفدان السورى والعراقى إلى بغداد ودمشق يوم 16 مارس بعد صدور بيان يقول: «وصلت المباحثات إلى مرحلة استوجبت عودة الوفدين السورى والعراقى إلى دمشق وبغداد، على أن تعود الوفود إلى القاهرة بعد أيام قليلة، وفور إعلان النبأ اندلعت المظاهرات فى سوريا، فعاد الوفد السورى إلى القاهرة، وضم هذه المرة «صلاح الدين البيطار، لؤى الأتاسى، فهد الشاعر، ميشيل عفلق»، وفى يوم 6 أبريل جرى استئناف الجولة الثالثة من المباحثات وانعقدت خلالها جلسات ما بين 7 و17 أبريل، وكانت هذه الجلسات هى الأطول، وتناولت الموضوعات طبيعة الخلافات العقائدية والمذهبية بين حزب البعث الحاكم فى العراق وسوريا وبين مصر، وشهدت هذه الجلسات حضور وفد من الجزائر لدراسة تجربتها فى العمل السياسى، كما تنوعت المناقشات فى قضايا الدستور وشكل الحكم والانتخابات البرلمانية ودور المعارضة والملكية الزراعية والفترات الانتقالية التى تهيئ الظروف لإنجاز كل ذلك.

انتهت المباحثات إلى إعلان «17 أبريل» ونص على قيام الوحدة الاتحادية بين الدول الثلاث باسم «الجمهورية العربية المتحدة»، وتكون أسماء أعضاء الدولة الاتحادية، القطر المصرى، القطر السورى، القطر العراقى، وحدد «الإعلان» البنود التى تشتمل عليها دولة الوحدة الجديدة، وأبرزها أن تكون لمواطنى الدولة الاتحادية جنسية واحدة هى الجنسية العربية، وأن يكون علم الدولة هو علم الجمهورية العربية المتحدة الحالى، وفيه ثلاث نجوم، بدلا من نجمتين، وتزاد نجمة كلما انضمت دولة جديدة، وأن تكون القاهرة هى عاصمة هذه الدولة الاتحادية.

حدد «الإعلان» المؤسسات الدستورية لدولة الوحدة وهى، مجلس الأمة، رئيس الجمهورية، السلطة القضائية، وتضمن أن يكون هناك رئيس لكل قطر، ومجلس تشريعى، ومجلس الوزراء وقضاء، وحدد الإعلان مرحلة انتقالية يستفتى فيها على دستور الاتحاد وعلى رئيس الجمهورية فى مدة أقصاها خمسة أشهر من تاريخ إعلان هذا البيان، وتعتبر دولة الاتحاد «الجمهورية العربية المتحدة» قائمة دستوريا عند إعلان نتائج الاستفتاء، وتستكمل المؤسسات الدستورية الاتحادية جميع عناصرها، التى نص عليها الدستور فى مدة أقصاها 20 شهرا من تاريخ إعلان الاستفتاء. لم يكتب لهذه التجربة الاستكمال لأسباب تتعلق بالصراعات الداخلية فى سوريا والعراق، فأعلن جمال عبدالناصر يوم 22 يوليو 1963، إلغاء ميثاق «17 أبريل 1963».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة