عصام محمد عبد القادر

غَرْسُ القيَمِ عَبْرَ بَوابةِ المُعايشَةِ

الخميس، 17 أبريل 2025 12:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ثَمة اتَّفاق على أنَّ النَّجاح المنشود من المعايشة التربوية، يتوقف على سيناريو التخطيط والتنفيذ على حدِّ سواء، كمَّا أنَّ الالتزام بِمَا جاء من تعليمات، وأداء أدوار، ومهامٍّ مُحدَّدة، من مُقومات تحقيق مُستهدفات المُعايشة؛ ومن ثَمَّ تقع القيَم في قلب تلك المُعايشة؛ حيثُ تُسهم في إيجاد مَناخ تفاعُلي، قائم على الاحترام، والإخلاص في العمل، وتلون من المُمارسات الصادقة، التي من شأنها تعزِّز العلاقات الاجتماعية بين المتعايشين مع بعضهم البعض، ومع من يقوم بالإشراف، أو إدارة فعاليات المُعايشة بصورة رسمية.


تجد أَنَّ قيمة المَسئولية يتمُّ غرسُها منذُ لحظة الإعلان عن مَهام وأدوار كلَّ مُتعلِّم، كما تعضد عبر قواعد العمل، التي يلتزم بها الجميع دون استثناء، ويتمُّ التوافق عليها قبل بدأ المُعايشة؛ ومن ثَمَّ يتم إقرارها، والقناعة التامة بما جاء فيها؛ لنضمن بيئةً تفاعليةً قائمةً على التنظيم، وتساعد في إنتاج المزيد من المستهدفات، ناهيك عن الانضباط الذاتي، الذي يمكن المتعايش من اكتساب الخبرات، وصولًا لمستويات الإتقان المنشودة.


ونَرصدُ من فوائد التعايش غرسَ قيمة المُشاركة، التي نرها في تعاون الجميع؛ من أجل بلوغ الغاية؛ رغم صعوبات، وتحديات قد تواجههم، وهُنَا يتيقَّن المُتعلم بأنَّ العقلَ الجمعي، أفضل نتاجًا في كثير من الأحيان، من عطاء العقل الفردي، كما يستخلص أهمية الشراكة في إنجاز الَمهام المُعقَّدة، أو المركَّبة؛ بالإضافة إلى تنمية مهارات التواصل الاجتماعي، والنوعي على السواء؛ لذا تجد أنَّ التَفاعُلية الإيجابية تشكِّل السِمة الغالبة التي تخيَّم على الجميع، داخل سياج المُعايشة.


واحترامُ الخصوصية، وتقدير الآخر، وإيثاره، من القيم التي يتمُّ غرسُها لدى المتعايشين، وهنا لا يتوقف الأمر فيما بين المُتعلِّمين، بل يشمل كافة الأفراد المُنتسبين للمُعايشة التربويَّة، مِن مُعلِّمين، أو مُساعدين، أو مُشرفين، أو القائمين على تأمين المكان، أو أصحاب المكان، وهذا يبْعَث في نفوس الجميع الاتجاهات الإيجابية، التي تتكون جراء مناشط المُعايشة، كما يزيد من تقدير الجهود المَبْذُولة؛ لذا تجد الإشَادة مُتبادلة بين جميع الأطراف.


وقيمةُ المُثابرة من أجل الوصول للمستوى المَرْضِيِّ في الأداء، أَحد اهتمامات المُعايشة التي تغرسها من خلال مُرونة الأنشطة، التي تقدَّم في صور مُختلفة، تتيح مُشاركة الجميع، والاختيار وفق القدرات، والعمل الجاد تجاه تحقيق الأهداف المنشودة، والاستعانة بأصحاب الخبرة حال مواجهة معوقات، أو صعوبات، تحيل دون اكتساب الخبرة، وأداء المهمة، والتعاون هُنا في تقديم التغذية الراجعة لا يتوقف على المُعلِّم فقط، بل الجميع مِمَّا لديهم مُقوماتها يشاركون من يَحتاجون الدَّعم والمُساندة.


وتَقدُّم المعلومات الصحيحة المُرتبطة بالخبرات المُستهدف اكتسابها، يعزِّز أنماط الوعي الصحيح المختلفة؛ فتلحظ أنَّ الوعي الاقتصادي نغرسُ من خلاله القيم الاقتصادية، التي تحثُّ على الترشيد، والتوفير، والادَّخار، وتجنُّب الفرد مُمارسة ما يتعارض مع تلك القيم، من تبذير، وإسراف لكافة المَوارد التي أنعم الله – تعالى - بها علينا، وعبْر الوعي الاجتماعي في صورته الصحية، نستطيع أن نغرس قيم الصدق، والأمانة، وغيرها من متلون القيم التي تتمخض عن تعاملات وتفاعلات الفرد مع الآخرين.


نَودُّ الإشارة إلى أَنَّ ما ذكرناه قليل من كثير؛ فهناك العديد من القيم النبيلة اللامتناهية، يمكن غرسها عبر المُعايشة التربوية، بصورة مقصودة وغير مقصودة، كما أن رُقي الخلق الحميد، يصعب أن يتحقق بعيدًا عن فلسفة التفاعل الاجتماعي، داخل سياج المُعايشة التربوية، وهذا يجعلنا ننطلق بالمُتعلِّم من حيز المنهج الظاهر، إلى فحوى ومكنون المنهج الخلفي؛ حيث يمكننا غرس مزيد من القيم، التي من شأنها تسهم في بناء إنسان، يمتلك مقومات التفاعل المجتمعي، والرغبة في الإعمار.


عبر المُعايشة التربويَّة، نرى مُتعايِش، لديه المَقدرة على صنع واتخاذ القرار، وحلِّ المُشكلات، بصورة علمية، ولديه أيضًا المَقدرة على تقييم مُمارساته، ويطَوِّر من أدائه، ويُضيف لخبراته بصورة مُستدامة، ولديه وَعْيًا بما يدور من حوله؛ ومن ثَمَّ يتطلَّع إلى اكتساب مهارات الابتكار، التي تجعله مُشارِكًا في ريادة المجتمع في مجالاته المختلفة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

_________

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة