محمود عبدالراضى

خلف الواجهة.. تختبئ الحكايات

الخميس، 17 أبريل 2025 09:33 ص


في هذا العالم المزدحم بالمظاهر، ننسى أحيانًا أن الحقيقة لا تسكن الواجهة، بل تُدفن في الأعماق، حيث لا تصل إليها العيون، ولا تدركها الأحكام السريعة.

نحن نعيش في زمن أصبحت فيه الابتسامات واجبًا اجتماعيًا، والقوة زيًّا رسميًا، والضعف ترفًا لا يُغتفر.

ليس كل ما يبدو أمامك حقيقيًا، فالكواليس دائمًا أكثر ازدحامًا من المسرح، الناس تُرهق أرواحها لتبدو أقوى، ترفع هاماتها رغم الانكسارات، وتُخفي أوجاعها خلف "فلتر" التماسك، لكن هل فكرت يومًا أن ما تراه قد لا يكون إلا جزءًا صغيرًا مما لا يُروى؟

البعض لا يجيد البوح، لا يعرف كيف يصرّح بالحزن دون أن ينكسر، كيف يطلب المساعدة دون أن يُتهم بالضعف،  كيف يُعلن فشله دون أن يُحكم عليه بالانتهاء.

نحن لا نعلم عن الآخرين إلا ما يسمحون لنا برؤيته، وما يختارونه ليكون "الصورة العامة" التي تليق بالناس، لا بالواقع، فلا تنخدع ببريق أحدهم، فربما لمعانه من أثر الحريق، لا من الذهب!

لا تقارن حياتك بما تراه على السطح، فربما البحر الهادئ يخفي تحته عاصفة لا ترحم، دع عنك النظر إلى أكواب الآخرين، فمن بعيد يبدو كوب الجميع ممتلئًا، لكن لا أحد يخبرك بطعمه، أو ما إذا كان يحمل ماءً عذبًا أم مرارة لا تُحتمل.

اهتم بكوبك أنت، نظّفه، واملأه بما تحب، واسقِ به نفسك أولًا، بدلًا من اللهث خلف السراب، اشتغل على نفسك، طوّرها، تصالح مع ما فيها، وازرع فيها الرضا، فالمقارنة ليست مقياسًا للصواب، ما يبدو كمالًا في حياة غيرك، قد يكون مجرد قناع هشّ يتداعى في الخفاء.

كلّنا بشر نحاول النجاة، نخوض معارك لا نُخبر بها أحدًا، ونبتسم للناس ونحن نُرمم أنفسنا في صمت، فرفقًا بالناس ورفقًا بنفسك، ولا تنسَ أبدًا أن الحقيقة الحقيقية غالبًا لا تُقال.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب