عصام عبد القادر يكتب عن الاستذكار: المناخ المثالي لتحصيل الخبرات التعليمية.. إدارة وقت الاستذكارِ.. الاستظهار مقابل الاستيعاب.. صحة البدنِ وعلاقتها بالنشاط الذهني

الثلاثاء، 15 أبريل 2025 11:00 م
عصام عبد القادر يكتب عن الاستذكار: المناخ المثالي لتحصيل الخبرات التعليمية.. إدارة وقت الاستذكارِ.. الاستظهار مقابل الاستيعاب.. صحة البدنِ وعلاقتها بالنشاط الذهني عصام عبد القادر يكتب عن الاستذكار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما نتحدث عن الاستذكار؛ فالبداية من المناخ الذي ينبغي أن يُهيأَ للطالب، سواءً من الأسرة، أو من خلاله، وينسدل من المناخ شِقَّانِ: فيزيقيّ، ونفسيّ، والأول منهما معنيٌّ بالمكان؛ إذ يجب أن يكون مريحًا من حيث الجلوس، أو الرؤية، أو الإضاءة، أو السكينة، أو التهوية، أو النظافة؛ فلا تصبح للمتغيرات التي تحدُّ من التركيز أن تخل بهذا المناخ، مثل الأدخنة، أو الضوضاء، أو الإضاءة المزعجة، والمهيّجة للعين، أو غير ذلك، مما يخلق بيئة غير مواتية للتحصيل؛ وبالأحرى يصعب اكتساب الخبرات التعليمية في صورتها المتكاملة.


الجزء الآخر من المناخ، والذي يُعنى به كلُّ ما يرتبط بالتهيئة النفسية؛ فلا مجال للانشغال، أو الشرود الذهني، أو التفكير في مشكلات، وأحداث، وقضايا، لا تمت بصلة بالمحتوى الخبراتي، المراد استذكاره، وهنا يجب أن يكون الطالب في أقصى درجات التركيز الذهني، والانسجام مع المحتوى المُتعلم؛ ومن ثم تشكل الضغوط بكل تنوعاتها عائقًا للاستذكار، بل تجعل الفرد غير قادر على تحقيق مستهدفاته التعليمية، وبناءً على ذلك لا يستطيع أن يتعمق في ثنايا الخبرات التعليمية بالصورة التي ننشدها.


هنا يُطرح سؤال فحواه: كيف نحكم على نجاح الاستذكار؟؛ ومن ثم فإننا نؤكد على مُسلَّمة رئيسة واضحة المعنى؛ ألا وهي أن المتعلم، أو الطالب، إذا ما طالع الخبرة، أو استقرأ مكنونها؛ فإنه يعي، أو يدرك ما يقرأ، أو يطالع، وبناءً على ذلك يطبق جدواها في موقف يتسم بالجِدَّة، كما يستطيع أن يستنتج معانٍ من بين مكونات تلك الخبرة، أو يضع مبررات تفسر ما قد يجول في ذهنه من تساؤلات آنيةٍ، أو مستقبلية، كما يستخرج دلالات، وبراهين لا تبدو جليّةً في كليتها.


المناخ المُشار إليه، لا نعني به توافر مقومات، وتجهيزات بصورة تتسم بالمثالية؛ لكن المقصد من المناخ، ما يؤدي إلى إحداث نمط من التهيئة، والتحفيز، والتركيز، والمقدرة على الإبحار، في تفاصيل محتوى الخبرات التعليمية، وهذا يشير إلى أن وسائل الرفاهية، وما يشكل سببًا في جودة الحياة، ليس بالعامل الرئيس؛ فبساطة المناخ قد تعزز عمليات الاستذكار، ويصل من خلاله المتعلم إلى مبتغاه، شريطة استبعاد عناصر التشتيت، والتشويش، التي تتأثر بها الأذهان بصورة مباشرة، أو غير مباشرة.


المناخ المثالي لتحصيل الخبرات التعليمية في صورته المبسَّطة، هو ما يوفر للطالب ماهية الراحة النفسية، والبدنية، ويحفزه على مواصلة اكتساب محتوى الخبرة، سواءً أكانت معرفية، أم مهارية، أم وجدانية، أم كل ذلك مجتمعةً؛ لذا يصعب أن نحدد صورة، وشكلاً، وملامح لهذا المناخ بدقة؛ حيث يمكن أن تتوافر تلك المقومات في كثير من أرجاء المنزل، أو حتى خارجه.


حالات التركيز تقوم على صفاء الذهن، وراحة البدن؛ فيجد الطالب أنه قادر على الاستذكار، ومؤشر ذلك أن المتعلم يفهم، أو يعي، أو يستوعب، ما يقرأ؛ لكن عندما لا تتوافر مقومات الاستذكار؛ حيث الإجهاد الذهني، أو البدني، أوكلاهما؛ حينئذٍ يتطلب أن يستعيد نشاطه؛ وذلك بأخذ قسط من الراحة، مما يجعله قادرًا على التحصيل، أو التفكير، وفق نمطه المتطلب.


الاستذكار المُبكّر يعني أن الطالب يشرع في تحصيله منذ اللحظة الأولى، ولا يترك الخبرات تتراكم على بعضها البعض، ويضع جدولاً زمنيًّا، يساعده على إدارة وقته، بصورة جيدة؛ حيث تتلاشى كل أشكال الإحباطات، التي تتأتى من خوف، وخشية مفرطة، تجاه الاعتقاد بصعوبة التحصيل، في وقت قصير؛ لذا تسهم الخطة التي يضعها المتعلم في أن يسيرعليها المتعلم في مذاكرته، وهذا يعد أحد العوامل المحفزة على اكتساب الخبرات التعليمية بصورة وظيفيَّة، بل يصل إلى مستويات الإتقان؛ حيث تمكنه من مجالات الخبرة المعرفية، والمهارية، والوجدانية منها.


خطة الاستذكار المشفوعة بجدول زمنيٍّ مرنٍ، تساعد الطالب في التغلب على المعوقات، أو التحديات، أو الصعوبات، التي تواجهه أثناء تحصيل الخبرة، وعبر قيامه بمهام تعليمية لأنشطة مرتبطة بمحتوى التعلم، كما يصبح المتعلم مُتحمَّلًا للمسئولية، منذ أن يُدشّن خطته التي يسير على هداها؛ ومن ثم يكون ملتزمًا بالمواعيد، والمواقيت الخاصة بتحصيل خبرات التعلم، وبناءً على ذلك يبذل أقصى ما في جهده؛ كي يحقق المستهدفات التي قد شملتها خطة الاستذكار.


علينا إدراك ماهية الفروق الفردية بين الطلاب، وهذا يجنبنا المقارنة بين الخطة التي يتبناها طالب، وآخر؛ فثمَّتْ تباينات في الجدول الزمني، الذي تحويه خطط الاستذكار؛ نظرًا لتبيان القدرات؛ لذا يتوجب أن نترك الساحة للمتعلم؛ كي يحدد متطلبات تعلمه، والوقت الكافي لاكتساب خبرات التعلم، التي يستهدفها، كما تترك له مساحة؛ لتقييم نتاج تعلمه، من خلال تعضيد فكرة التقييم الذاتي بشكل مستمر؛ ليحسن من ممارساته التي تجعله قادرًا على تحصيل خبرات التعلم، بصورة مرضيَّةٍ بالنسبة له.


المتعلمون بينهما فروقٌ، وقدرات، لا شك أنها متباينة؛ لكن ثمَّتْ تساؤلات يطرحها الكثيرون فحواها: هل الحفظ، والاستظهار لخبرات التعلم أسهل من الاستيعاب؟، وأيهما نفضل؟، والإجابة عن هذه التساؤلات تكمن في تحديد دامغٍ للمسار الأفضل؛ حيث يكمن في الاستيعاب الذي يؤدي إلى عمق الفهم؛ ومن ثم بقاء أثر التعلم، ناهيك عن مستويات الإتقان التي تتحقق عبر فلسفة الاستيعاب، والفهم العميق، المُشَار إليهما.


الاستظهار، والحفظ يزول أثرهما، بعد مرور فترة ليست طويلة؛ لكن الاستيعاب، والفهم العميق، لهما أثرٌ باقٍ، كما أن أنماط التفكير، ومهاراته المتعددة، تجد مسارها، ومداخلها لدى الطلاب؛ فيستطيع المتعلم أن يمارس الاستنتاج، والتفسير، والاستنباط، ويدقق في ملاحظاته، ويقدم الشواهد، والأدلة، التي تؤكد وجهة نظره، وهنا نوقن أن اكتساب الخبرات التعليمية له أثرٌ فعَّالٌ على المستويين، الأكاديمي، والحياتي أيضًا.


النشاط الذهني، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة الأبدان لدى الطلاب؛ ومن ثم يتوجَّبُ أن نحرص على تنمية الثقافة الغذائية لديهم بصورة مُسْتدامةٍ؛ إذ لا يسمح بتناول الكثير من المُنبَّهاتِ، أو المُنشَّطاتِ، التي تضير بصحة الفرد، كما أن الوجبات السريعة لها آثارٌ سلبيَّةٌّ على صحة البدن، مما يؤثر بشكل مباشر على النشاط الذهني، والتركيز، لدى المتعلم، بالإضافة إلى سوء التغذية فإنها بالطبع تضير بالإنسان؛ فيصبح غير قادر على العطاء.


توفير المناخ الداعم؛ لاكتساب خبرات التعلم يقع على عاتق جميع أفراد الأسرة، والمتعلم معًا؛ فهناك أمورٌ تبدو بسيطةً، لكنها تخلق البيئة الداعمة التي تُمكَّن الأبناء من تحصيل مجالات الخبرة، وبالطبع يتوجَّبُ أن يصبح الالتزام، وتحمُّلُ المسئولية، والمرونة، والوعي الصحي من مكونات الاتصاف القيمي لدى المتعلم.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة