تحل، اليوم، ذكرى تولى عبد الملك بن مروان، الخليفة الخامس من خلفاء بنى أمية والمؤسس الثانى للدولة الأموية فى 11 أبريل من عام 685 ميلادية الموافق سنة 65 هجرية.
وواجه عبد الملك بن مروان انقسامات البيت الأموى، حيث يقول أحمد أمين في كتاب فيض الخاطر: "البيت الأموي نفسه ينقسم على نفسه؛ فمروان يناهض خالد بن يزيد ويبعده عن الحكم، وينقل الدولة من فرع إلى فرع، وعبد الملك بن مروان يقتل عمرو بن سعيد بن العاص، وهو من أكبر زعماء البيت الأموى، ومن كانت له اليد الطولى في نقل الحكم إلى فرع مروان، وهكذا".
ويضيف: "كل هذا كان جديرًا أن يعوق الدولة الإسلامية عن التقدم والرقي، ويمكِّن أعداءها الخارجين من استراد ملكهم، ولكن كانت الأمة مملوءة قوة وحيوية، فلم يكسر ذلك كله من قوتها، ووُجد من رجالها أمثال: معاوية، وعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك؛ فهؤلاء بسياستهم وقوة شخصيتهم وحسن اختيارهم لرجالهم وقوادهم؛ استطاعوا أن يزيدوا رقعة المملكة الإسلامية إلى مدى بعيد، وأن يرقوا بنظام الحكم وبالفنون، وأن يقطعوا في ذلك شوطًا بعيدًا".
ولد عبد الملك بن مروان فى المدينة وتفقه فيها علوم الدين، وكان قبل توليه الخلافة ممن اشتهر بالعلم والفقه والعبادة، كما كان من أكثر الناس علمًا وأبرعهم أدبًا، يطارح جلساءه حديث الشعر ويجول معهم فى نقد الأبيات والمقطعات الشعرية.
ولاهتمامه بالشعر والشعراء فقد قام عبد الملك بن مروان برد الشاعر الأخطل إلى البلاط الأموى وجعله شاعر بنى أمية، فأدى عمله هذا إلى اتساع فن النقائض وهو فن قديم وُجد منذ العصر الجاهلى وترعرع حتى وصل إلى عهد بنى أميةـ أو الهجاء القبلى بين الشعراء عامة، والأخطل والفرزدق وجرير خاصة.
كما اهتم عبد الملك بن مروان بتعريب الدواوين والتى كانت النواة التى ساعدت على التوسع فى حركة الترجمة فى العصر العباسى، حتى وإن كانت حركة النقل والترجمة فى العصر الأموى قائمة على نطاق ضيق، وكانت تعتمد على بعض الأفراد من الخاصة أو بعض الأطباء من الأعاجم.
وقد عرف خلفاء الدولة الأموية بالنقد الأدبى، ومن أبرزهم الخليفة عبد الملك بن مروان الذى كان ذا خبرة ودراية بالنقد، وكان شاعرًا وخطيبًا متمكنًا، من أمثلة نقده: أن الشاعر جرير مدح عبد الملك، فقال: هذا ابن عمى فى دمشق خليفة.. لو شِئتُ ساقكم إلى قطينا، فلما سمعه عبد الملك قال: ما زاد على أن جعلنى شرطيًا، والله لو قال لو شاء لسقتهم إليه قطينا.