أكثر من 160 ألف شهيد مدفون رفاتهم في أحد الأديرة التاريخية التي تقبع بمدينة إسنا فى محافظة الأقصر، وهو "دير الشهداء" الشاهد على قصة تاريخية لا يعرفها الكثيرون عن أحد أقدم وأهم الأديرة التراثية فى جنوب مصر، والمتواجد بمنطقة جبل أغاثون والذي كان شاهدا على أشهر مذبحة إرتكبها الجنود الرومان في نهاية القرن الثالث الميلادى بحق الأنبا بضابا أسقف فقط وأبناء الدير وقتها والذي ذكرت الروايات التاريخية إنه بلغ عددهم حوالى 160 ألف شهيد.
"دير الشهداء" بجل أغاثون في إسنا عبارة هو موقع تاريخى وتراثى على بعد 5 كيلو متر جنوب غرب مدينة إسنا، ويتواجد في منطقة جبل أغاثون على مشارف الصحراء الغربية، حيث بنى الدير الحالى فى نفس مكان دير قديم يسمى دير أنبا أسحق، ويحتوى على كنيستين إحداهما من القرن الرابع الميلادى والأخرى حديثة أنشئت في أوائل القرن العشرين.
وفى السياق، قال إبرام عادل إبن مدينة إسنا، إنه ما أن يزورون دير الشهداء فيشعرون بثقل كبير نظراً لما تحمله باطن الأرض بالمنطقة لأكثر من 160 ألف شهيد قبطي تم قتلهم في مذبحة على يد الجنود الرومان بنهاية القرن الثالث الميلاد، موضحاً إنه يطلق عليه "دير الشهداء" بعد تلك المذبحة الشهيرة، كما إنه يحمل هذا الدير أيضا أسم الأنبا أمونيوس الشهيد أسقف مدينة إسنا وقت الاستشهاد.
وأضاف إبرام عادل أحد رجال الكنيسة جنوب الأقصر، لـ"اليوم السابع"، أن دير الشهداء بإسنا يعتبر من أهم الأديرة التى ما زالت آثارها قائمة بمدينة إسنا نظراً لوجود ثروة زخرفية هامة من زخارف الفرسكو القديمة، فهو دير أثري تعيش فيه مجموعة من الراهبات داعين لله أن تكون معهم بركة الشهداء والقديسين، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة الشكل نحو 50 متراً، وطول 40 متراً، يحيط بعمائره الداخلية سور مرتفع.
وأوضح إبن إسنا، إنه يضم دير الشهداء بجبل أغاثون كنيستين هما الكنيسة الأثرية، والتي بنتها الملكة هيلانة أم الإمبراطور البيزنطي قسطنطين في القرن الرابع الميلادي، والكنيسة الجديدة وتقع في الجهة الغربية من الدير، وتم بناؤها سنة 1902م في عهد المتنيح الأنبا مرقس مطران كرسي إسنا والأقصر وأسوان، وهى واسعة، وبها ثلاث هياكل، وفي الغرب أربعة قلالي، وفوقها حجرتان للاستراحة، كما يوجد بالدير مغطس يرجع تاريخه يعود إلى نفس تاريخ الكنيسة الحديث وقد بنى مكان مغطس قديم وبنفس أسلوب بنائه والمغطس عبارة عن حفرة فى الأرض اسطوانية الشكل كان يملأ بالماء ويغطس فيه المسيحيين أثناء احتفالهم بعيد الغطاس تذكارا لغطس السيد المسيح فى مياه نهر الأردن.
وعن القصة التاريخية لمذبحة 160 ألف قبطى داخل دير الشهداء بمدينة إسنا، قال الأنبا يواقيم أسقف عام إسنا وأرمنت للأقباط الأرثوذكس، إنها تعود لعصر الملك دقلديانوس الإمبراطور الرومانى، والذي أرسل الوالى أريانوس إلى مدينة إسنا، لإضطهاد المسيحيين داخل، ولدى وصوله لإسنا لم يجد داخلها أحد ورأي سيدة مسنة في منزلهم والتي أرشدتهم بعد اضطهادها لمكان الشعب القبطى، وهم كانوا يتجمعون داخل الدير وقتها والذي كان يسمي "دير الأنبا إسحق السائح" واعترفت بالمسيحية أمامهم وسميت بهدها بـ"الرشيدة" لأنها أرشدت الوالى بوجود الشعب فى الدير، وتحرك الوالى أريانوس إلى الدير على بعد 5 كيلومترات بجبل أغاثون، وتقول الروايات إنها قد ظهر ملاك للأنبا أمونيوس الشهيد فى مغارته التي تبعد عن الدير حوالى سبعة كيلو مترات، وقال له "أنزل إلى الدير لتشديد شعبك.. لأن الوالى قادم فى الطريق لإضطهاد شعبك"، فنزل على الفور إلى الدير وأقام قداس بمناسبة عيد الأنبا إسحق وشجع الشعب لكى يواجهوا سيوف الوالى بشجاعة، ولا يخافوا لأن أكاليل السماء معدة لهم والأماكن الجميلة فى انتظارهم فى السماء، ولدى وصول الوالى إلى الدير برفقة جنوده طلب من الشعب كله التبخير للأوثان فرفضوا بشدة صارخين قائلين إننا نصارى ونعبد الإله الواحد يسوع المسيح، فأصدر قراره بقتلهم جميعاً واستشهد الجميع بقطع رؤوسهم بالسيوف وكان برفقتهم الأنبا بضابا أسقف فقط وقتها، وابن خالته الأنبا اندراوس القس، والأنبا اخرستو ذولو الشماس، وجميعهم استشهدوا حيث كانت المدينة بأكملها مسيحيين ويصل عددهم إلى حوالى 160 ألف مواطن من كبار وشباب وفتيات وسيدات وأطفال، ولا يزال الدير موقع تراثى يزوره الضيوف من كافة أنحاء العالم للحصول على البركات داخل دير الشهداء الأكبر في إسنا.
وأضاف الأنبا يواقيم لـ"اليوم السابع"، أنه بالنسبة للأنبا امونيوس الشهيد فلم يقتلوه مع الشهداء ولكنهم قاموا بتعذيبه أشد أنواع العذاب، وقاموا بربطه فى ذيل الخيل وجروه على الأرض مربوطاً، حتى وصلوا به إلى مدينة أسوان، ثم عادوا به إلى مدينة أنصنا ملوى بالمنيا، واستشهد هناك محروقاً لكن النار لم تؤذه بأية حروق ومازال جسده موجوداً، موضحاً إنه ينظم أبناء إسنا جنوب بصورة سنوية الفعاليات والطقوسهم الدينية داخل الدير في ذكرى المذبحة الشهيرة، حيث يتم تنظيم عشية عيد استشهاد الأنبا بضابا أسقف قفط والـ160 ألف مسيحى على يد الرومان، بجانب تسبحة صلاة عشية ثم رفع بخور عشية، والطواف بالمقصورة الخشبية المرسوم عليها الشهيد الأنبا بضابا داخل الدير، وتسبحة نصف الليل، ويعقبها صلاة القداس الإلهى صباحاً لتذكار عيد استشهاد الأنبا بضابا وشهداء مذبحة إسنا.

إحتفالات أقباط إسنا السابقة بذكرى استشهاد الأنبا بضابا بالدير

الأماكن الدينية والطقوس داخل دير الشهداء بإسنا

التجديدات داخل مبنى دير الشهداء بإسنا

التراث التاريخي الكنيسة داخل دير الشهداء بإسنا

الزخارف التاريخية داخل دير الشهداء بإسنا

الصليب واللوحات التاريخية فى دير الشهداء بإسنا

الطقوس الدينية خلال الاحتفالات بالذكرى

الكنيسة القديمة من القرن الرابع داخل دير الشهداء بإسنا

المذابح داخل مبنى كنيسة دير الشهداء بإسنا

المغطس التاريخي فى الكنيسة القديمة بدير الشهداء بإسنا

جانب من مبنى الكنيسة القديمة فى دير الشهداء بإسنا

لوحة للشهيد الأنبا أمونيوس فى دير الشهداء بإسنا

لوحة لمديح الأنبا بضابا فى دير الشهداء بإسنا

مبنى الكنيسة القديمة داخل دير الشهداء بإسنا

مبنى دير الشهداء بإسنا يعود للقرن الرابع الميلادى

مدخل دير الشهداء فى مدينة إسنا

مذبح الكنيسة القديمة داخل دير الشهداء بإسنا_1