بدون أمريكا.. ما التكلفة التى ستتحملها أوروبا للدفاع عن نفسها؟.. المفوضية الأوروبية تقترح خطة تسليح بقيمة 800 مليار يورو.. ستارمر يعلن زيادة ميزانية الدفاع 2.5%.. وألمانيا تنتظر المستشار الجديد

الثلاثاء، 04 مارس 2025 10:00 م
بدون أمريكا.. ما التكلفة التى ستتحملها أوروبا للدفاع عن نفسها؟.. المفوضية الأوروبية تقترح خطة تسليح بقيمة 800 مليار يورو.. ستارمر يعلن زيادة ميزانية الدفاع 2.5%.. وألمانيا تنتظر المستشار الجديد حلف الناتو - أرشيفية

كتبت: هناء أبو العز

أشعلت مبادرة دونالد ترامب المثيرة للجدل لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتعليق المساعدات العسكرية إلى كييف،  فتيل القضية القديمة المتمثلة في كيفية تمكن أوروبا من الدفاع عن نفسها، وأصبح أسلوب التهديدات الذى يتبعه دونالد ترامب  للحصول على ما يريد في عالم الأعمال والسياسة، أمرًا واقعًا، مثيرًا لقلق زعماء الحكومات، وخاصة في أوروبا، الذين يخشون أن يسحب ترامب الحماية العسكرية الأمريكية للقارة، التى تعانى أساسًا من مشكلات  مالية واقتصادية حاليا، كما أن المخزون الاستراتيجي العسكري لهذه الدول انخفض بشكل كبير، خاصة بعد إرسالها معدات عسكرية وقذائف وأسلحة للجيش الأوكراني.

وعلى مدى عقود من الزمن، اعتمدت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأوروبي على الولايات المتحدة ، أكبر وأقوى قوة اقتصادية في الحلف، لتحمل العبء الرئيسي للدفاع عن القارة، وعلى الورق، لم يكن التحالف العسكري مستعداً أبداً بشكل أفضل، فمنذ الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في فبراير 2022، نشر الحلفاء المزيد من القوات في أوروبا الشرقية، واتفقوا على خطط عسكرية مفصلة للغاية، ووقعوا على ما يسمى "نموذج جديدة للقوة" لحلف شمال الأطلسي، الذي ينص على نشر أكثر من 100 ألف جندي في أقل من 10 أيام. 


كما أن المخزونات العسكرية في فرنسا، التي تمتلك ثاني أهم قوات مسلحة في حلف شمال الأطلسي الأوروبي، ضئيلة، أما بالنسبة لألمانيا، التي ربما تكون أكبر دولة منفقة في القارة، فقد تعطلت عملية تحديث جيشها بسبب نقص الأموال بسبب حدود الإنفاق الدستورية في ألمانيا.


كما أن  بعض ما تقدمه الولايات المتحدة لحلف شمال الأطلسي، مثل أسطولها من طائرات الشحن C17، والتي تكلف 340 مليون دولار للطائرة الواحدة ويمكنها حمل 75 طناً من المعدات لمسافة تقارب 4 آلاف و500 كيلومتر دون إعادة التزود بالوقود- لا يمكن تعويضه تقريباً، والآن، يدرس القادة في أوروبا كيفية الاستجابة للانهيار المحتمل لحلف شمال الأطلسي إذا سحب ترامب الدعم الأمريكي.

وأول من استجاب لهذه المخاوف، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذى أعلن عن زيادة ميزانية الدفاع في المملكة المتحدة إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، ارتفاعًا من 2.3% الحالية، وأكد أن هذا الاستثمار يجب أن يتبعه المزيد من الإنفاق الدفاعي في السنوات القادمة وسيعكس التزام المملكة المتحدة بضمان سلام عادل ودائم في أوكرانيا والحاجة إلى تكثيف أوروبا جهودها لصالح الأمن الأوروبي الجماعي.

كما اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خطة لتعزيز الإنفاق الدفاعي الأوروبي، والتي تقول إنها ستحشد ما يصل إلى 800 مليار يورو.
وقالت فون دير لاين في بروكسل، إن أمن أوروبا يتعرض لتهديد حقيقي للغاية، مشيرة إلى أن  هذه هي ساعة أوروبا ويجب علينا أن نرتقي إلى مستوى المناسبة، ونحن في عصر إعادة التسلح، وأوروبا مستعدة لزيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير.


وتتضمن خطة فون دير لاين، من بين أمور أخرى، إنشاء صندوق جديد بقيمة 150 مليار يورو لزيادة الاستثمارات الدفاعية في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المساعدات العسكرية لأوكرانيا،  وسيتم استخدام الأموال على وجه الخصوص للدفاع الجوي والصاروخي وأنظمة المدفعية والطائرات بدون طيار والأمن السيبراني.
وقالت فون دير لاين: إن الأمر يتعلق بإنفاق أفضل ومشترك، وبهذا يمكن للدول الأعضاء أن تجمع طلباتها، وتقوم بالشراء معًا، وفي الوقت نفسه تزيد من دعمها لأوكرانيا، وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي تفعيل بند الهروب من ميثاق الاستقرار والنمو. ويهدف هذا إلى السماح للدول الأعضاء بتحمل ديون جديدة للإنفاق الدفاعي دون الخوف من إجراءات العجز المفرط في الاتحاد الأوروبي.

وتأمل فون دير لاين أن يتمكن اقتراحها، إلى جانب رأس المال الخاص والأموال الإضافية للبنك الأوروبي للاستثمار، من تعبئة ما يقرب من 800 مليار يورو للدفاع. 
 
أما في ألمانيا، لا يزال الزعماء السياسيون يكافحون من أجل الاستجابة لدعوة رئيس الوزراء البريطاني لتشكيل "ائتلاف الراغبين" الأوروبي الذي ينبغي أن يتولى الدفاع عن القارة بأيديهم، إلا أنه وفي أعقاب الانتخابات العامة الأخيرة ، خرج زعيم تحالف الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ ، فريدريش ميرز ، فائزاً وهو الآن في محادثات مع الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز  لتشكيل حكومة جديدة، وتتمثل النقطة المحورية في المحادثات في تخفيف قواعد الاقتراض الصارمة في ألمانيا لتمويل الإنفاق الدفاعي الأعلى .

و حدد معهد  بروغل ما قد تحتاج إليه أوروبا لتجنب فقدان قدرتها على الدفاع عن نفسها إذا خرجت الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي،  فبعيداً عن استبدال الألوية القتالية والسفن والطائرات الأمريكية، فإن هذا يتطلب تعزيز القدرات الأوروبية في مجال الاستخبارات والاتصالات والبنية الأساسية للقيادة، وهي القدرات اللازمة لنشر وحدات عسكرية كبيرة ومعقدة.

وعلى سبيل المثال، لا تزال القدرات العسكرية الألمانية أقل كثيراً من المستويات المطلوبة والالتزامات التي يتعهد بها الحلفاء، كما أشار بروغل، ويواجه تعهد برلين بتزويد حلف شمال الأطلسي بفرقتين ـ نحو أربعين ألف جندي ـ انتكاسات كبيرة، ومن المؤكد أن المساهمة الأكثر ملاءمة من ألمانيا، نظراً لحجمها، لابد أن تكون أقرب إلى مائة ألف جندي.
 
من جانبه قال  جاك ألين رينولدز، نائب كبير الاقتصاديين لمنطقة اليورو في كابيتال إيكونوميكس، فى تصريحات لشبكة دويتش فيله،  أن الإنفاق الدفاعي الأوروبي سوف يحتاج إلى زيادة كبيرة.، وأن  إضافة 250 مليار يورو إضافية سنويا سوف تكون مبررة في الأمد القريب، وهذا من شأنه أن يرفع ميزانيات الدفاع في الاتحاد الأوروبي إلى نحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

و اقترح ألين رينولدز عدة طرق لتمويل هذا الإنفاق الضخم،  ومن بين الخيارات المتاحة إعادة توظيف بنك الاستثمار الأوروبي أو إنشاء "بنك إعادة التسلح" الجديد لدعم قطاع الدفاع بشكل كبير مع الحد الأدنى من التأثير على الميزانيات الوطنية، كما أن الطريقة الأكثر مباشرة، تتمثل فى أن يطلق الاتحاد الأوروبي برنامج اقتراض مشترك جديد مماثل لصندوق التعافي من الوباء البالغ 750 مليار يورو، والمعروف أيضًا باسم NextGenerationEU.

 

وقدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا 64 مليار يورو كمساعدات عسكرية منذ بدء الغزو الروسي، وفقا للأرقام الرسمية.

وذكر معهد كيل، وهو هيئة بحثية اقتصادية ألمانية، أنه من عام 2022 حتى نهاية عام 2024، قدمت الولايات المتحدة ما مجموعه 119 مليار دولار كمساعدات مالية وإنسانية وعسكرية، وساهم الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الفردية بنحو 132.3 مليار يورو.
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة