يبدو أن قضائي حوالي أسبوعين في الفيوم للعمل على سيناريو سليم قيد أصاب أحمد زكي (بالبرود) تجاه محاولاتي لتقريب العمل إلى رؤية اعتقدتها معبرة عن جيلي ومن سبقني للمطرب الذي جسد أحلامنا وطموحاتنا وطنيا وفنيا والذي تشخصت فيه أيضا إحباطنا لكل التجربة بحلوها ومرها.
عدت من الفيوم مما يمكن أن نسميه Note Dirodor’s أو رؤية المخرج ومعها اقتراحات بعدة مشاهد تؤكد هذه الرؤية وتدعمها.. حاولت الاتصال بأحمد كالمعتاد دون استجابة والمغنى الأستاذ حسين القلا أنه أغلق كل تليفوناته عندما زادت معاناته مع المرض، وعند ذلك طلبت من حسن القله أن يسلمه ما كتبت، وأن يجعل هذا الأمر سريا بيننا حتى نتفادي أي حساسيات باعتبار ما فعلته جزءا من (مطبخ) العمل لا ضرورة أن يطلع أحد على تفاصيله، وأنه في حالة اقتناع أحمد سوف أتحمل المسئولية في مناقشة الأستاذ محفوظ وإقناعه فقد كنت أعتبره صديقا وأخا أكبر يقدر اختلاف الأذواق والأجيال في تفسير الحدث التاريخي والشخصي لمن هم في حجم عبد الحليم حافظ.
أرسلت الملف كاملا لزكاوه مع هذا الخطاب بخط اليد عزيزي الزكاوه حمد الله على السلامة ياأحسن ممثل في العالم.. حاولت – دون جدوى – أن أراك لدقائق ولكن يبدو أنك (تقلان) علىَّ شوية.. براحتك ياعم الفنانين كلهم.. كل ما اتمناه أن أسمع عنك خير، وأن تتمكن رغبتك الجبارة في الحياة في قهر كل شيء.
بص ياسيدي..
أنت تعلم لم أخذ موضوع عبد الحليم مني من جهد لسنين عديده.. في حدود ما قرأت – وهو كثير – ومن قابلت من أصدقائه – أصبحت خبيرا في حليم ويتزايد يوميا إحساسي بأني أعرف هذا الرجل تماما وأفهم تصرفاته ومشاعره.. أحب الخير الذي قدمه لمصر والعرب ولا أكره الشر الذي لازم رحلة عذابه من يتيم مجهول وسط عمالة إلى وحيد على قمة المجد من المنطقة كلها.
تصوري أن مجرد ظهور أحمد زكي يؤدي شخصية حليم هو في حد ذاته حدثا خارقا يجب ان نساعد على حدوثه دون تردد أو ابطاء ولكن..
- لماذا لا نصنع فيلما حقيقيا وعميقاً عن شخصية تراجيدية أثرت في وجدان مصر والعرب لفترة طويلة وهامة؟!
- لماذا ألا نصع فيلما محباً ولكننا لا نرغب في تقديس شخصية يكمن جمالها في كونها شخصية إنسانية بكل ما في هذه الكلمة من جمال وبكل ما تحمله من ثناياها من تناقضات.؟!
- زمن حليم هو زمن الحلم المصري والعربي.. ولابد ن نرى الشخصيات التي شاركت في صنع هذا الحلم/ الكابوس.. وما مدى المسئولية الفنية والسياسية وبالتالي الدرامية عن انكسار الحلم..؟
- هذا سؤال يحتمل فيلم عن حليم محاولة الإجابة عليه.. ببساطة ودون فذلكه أو افساد لروح الفيلم المحتفيه بعبد الحليم الفنان.
أحمد..
أرجوك.. اقرأ بالعناية التي أعرفها عنك وتأكد أن ما تراه الآن على الورق سوق يكون بسيطا وعميقا اثناء تنفيذه، ولكني متأكد أنه سيكون فيلما عظيما بأدائك العبقري وبالطموح اللازم لفيلم كبير. تحياتي يا صديقي وإلى لقاء قريب.. مجدي أحمد عليس 3/7/2004
ملحوظة:
1- رأيت تأجيل عملية إدخال هذه المشاهد على السيناريو الأصلي إلى ما بعد موافقتك وموافقة الأستاذ محفوظ على التوجه العام أو الرؤية التي تعكسها هذه المشاهد والبناء الدرامي الذي اقترحه.
2- سوف تخضع بعض مشاهد السيناريو الأصلي إلى بعض الشغل "من أجل مزيد من المصداقية التاريخية والعمق وخفة الظل التي كانت سمة من سمات شخصية حليم.." انتهى الخطاب..
استلم أحمد الملف بخط اليد والخطاب المرفق.. وانتظرت رد الفعل كي تشرع في العمل.. ولكن أتت السفن بما لم تشتهيه سفني الحائرة.. وجاءني حسين القلا – بحسه المرهف حائرا ليخبرني بالأنباء الحزينة.