ما الشكوكية؟.. كتاب يوضح كيف نتعامل مع الشك

الإثنين، 31 مارس 2025 06:00 م
ما الشكوكية؟.. كتاب يوضح كيف نتعامل مع الشك غلاف الكتاب
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصبحنا نعيش في عالم مفتوح حافل الموضوعات التي لا نعرف صدقها من كذبها، لذا فإن الشك فيها أمر ضروري، خاصة أن الشائعات صارت بمثابة حروب يجب مواجهتها، لكن هل سمعت من قبل عن "الشكوكية"؟

يقول كتاب "الشكوكية: مقدمة قصيرة جدًّا" لـ دانكن بريتشارد، تحت عنوان "ما الشكوكية؟":

مقدمة عن الشكوكية

باختصار، تتعلق الشكوكية ﺑ "الارتياب"، حيث إن تَشَكُّكك في شيءٍ ما معناه أن يساورك الارتياب بشأنه، من الممكن أن تسري الشكوكية على فيض من الأشياء المختلفة، فيجوز أن يكون المرء متشككًا في شخص (مثل بائعي السيارات المستعملة الذين يُضرَب بهم المثل في عدم مصداقيتهم)، أو موضوع (مثل تنبؤات الأبراج)، أو حتى أشياء (مثل أن يكون المرء متشككًا في أن مكيف الهواء المستهلَك لديه سيظل يعمل لنهاية الصيف).

الشيء المشترك بين هذه الأشكال المختلفة من التشكك هو قلق المرء من إمكانية اعتماده على الشيء المعني، سواء كان نصيحة بائع السيارات المستعملة، أو تنبؤات الأبراج، أو كفاءة مكيف الهواء. باختصار، ينال التشكك من الإيمان (الإيمان بأن ما يقوله بائع السيارات صحيح، والإيمان بأن المكيف سيظل يعمل لنهاية الصيف، وهكذا).

إن التشكك بقدرٍ ما أمرٌ حسن في أغلب الأحيان، إننا نتحدث بالتأكيد عن أهمية "الشكوكية الصحية"، أي ألا نصدق بسهولة أي شيء يُقال لنا. إن الشكوكية بهذا المعنى دواء للسذاجة، ومن المؤكد أن لا أحد يريد أن يكون ساذجًا. وعلى كل حال هناك أشياء تستحق التشكك بشأنها. لديكم المثال الذي ذكرته للتو عن الأبراج. هذه التنبؤات معروفة بأنها ملتبسة، فهي إما أن تكون محددة جدًّا، وفي هذه "الحالة" غالبًا ما تكون خاطئة، وإما أن تكون عامة جدًّا، وهو الأغلب، لدرجة أنها تناسب أي احتمال، وفي هذه الحالة لا يوجد دليل واضح على أنها صحيحة على الإطلاق. علاوةً على ذلك، فإننا نعلم أيضًا أنه لا يوجد أساس علمي للتنجيم؛ فقد هجر العلماء منذ زمن بعيد التنجيم مفضلين علم الفلك، وهو على عكس التنجيم تخصصٌ علميٌّ مُسلَّمٌ بصحته. لذلك هناك أسباب وجيهة للتشكك في مصداقية الأبراج.

كذلك يمكن للشكوكية الصحية أن تحول دون وقوعنا في فخ من يريدون خداعنا، على سبيل المثال: بما أننا نعلم أن بائعي السيارات المستعملة لديهم دافع يتمثل في رغبتهم في أن نشتري سيارة بأعلى سعر ممكن، فإننا نعلم أننا يجب أن نقف مما يقولونه موقف شك، فلا نصدقه تمامًا دون تمحيص. وعلى نحو أعم، إذا قال لنا شخص لا نعرفه تمام المعرفة شيئًا يبدو من الوهلة الأولى غير معقول — كالقول، مثلًا، بأن ملكة إنجلترا قد قُبِض عليها بتهمة سرقة أحد المتاجر — هنا يجب أن يتدخل الشك الفطري لدينا لكيلا نصدق هذا القول دون تروٍّ. هذا لا يعني أننا لا ينبغي مطلقًا أن نصدق الأحاديث غير المعقولة من هذا النوع، وإنما علينا دائمًا أن نطلب براهين إضافية في مثل هذه الحالات (مثل أن نطلب تشغيل نشرة الأخبار للتحقق من هذه القصة المدهشة).

لكن من الجائز كذلك لهذا النوع المحدد جدًّا من الشكوكية أن ينجرف بسهولة إلى شيء أشد تطرفًا وتعميمًا. هذا النوع من الشكوكية - المعروف بالشكوكية المتطرفة (الراديكالية)- . على سبيل المثال: ماذا نفعل حيال الاتجاه المعاصر في بعض جوانب الحياة العامة للتشكك في العلم نفسه، مثل الشك في الإجماع العلمي على تغير المناخ الناجم عن أنشطة بشرية.  لاحظ كيف يختلف هذا النوع من التشكك اختلافًا بالغًا عن التشكك في الأبراج. في الحالة الأخيرة، يستند التشكك إلى الإيمان بمصداقية العلم. وهذا يبدو مشروعًا؛ وذلك لسبب محدد يتمثل في أننا نعتبر العلم طريقةً نموذجيةً للوصول إلى الحقائق حول العالم من حولنا.
ولكن عندما يكون المرء متشككًا في العلم نفسه، فبالطبع لا يمكن أن يكون هذا النوع من الشكوكية قائمًا على العلم. ولكن إذا رفضنا حجية العلم لمعرفة العالم من حولنا، فماذا سيكون المصدر الذي سنثق به في هذا الصدد؟ الخوف هو أن تتحول الشكوكية الصحية هنا إلى شكوكية عمومية وهي شيء مختلف تمامًا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة