في زحام الأيام، تبقى لحظات العيد هي الأكثر سحرًا، تلك اللحظات التي تعيدنا إلى أنفسنا، إلى حيث الدفء والمحبة، إلى حيث الأهل والأصدقاء، إلى تلك اللمسات التي تضفي على أيامنا ألوان الفرح والمودة.
وبينما تعج الصور في منصات التواصل الاجتماعي بتجمعات الأسر والعائلات في المدن الكبرى، تظل الصور التي تلتقطها عدسات الكاميرات في القرى الصعيدية تحمل في طياتها حكايات من نوع آخر، تنبض بحياة حقيقية، حيث يلتقي الفرح بنقاء الطبيعة ودفء العلاقات.
في قريتي الصغيرة "شطورة" شمال محافظة سوهاج، يحفل العيد بأجواء فريدة من نوعها، على ضفاف النيل، تنسجم الطبيعة الخلابة مع روائح الزهور وأصوات الضحكات التي تتناثر بين الحقول والبيوت.
هنا، لا يقتصر العيد على الطعام والحلوى، بل يصبح فرصة للقاء الأهل الذين تجمعهم شوارع القرية الضيقة، حيث تجد كل بيت يعج بالزوار، وتجد الابتسامات ترسم على الوجوه وتختلط الأصوات في همسات وصيحات من الفرح.
العيد هنا ليس مجرد يوم عابر، بل هو موسم لتجديد الروابط الاجتماعية، حيث يزور المغتربون أهاليهم، وتلتقي العيون التي طالما اشتاقت إلى لحظات من الألفة والمحبة.
وفي كل زاوية، تجد الأسر تتبادل القصص القديمة، وتتناقل الأحاديث بين الجيران والأصدقاء وكأن الزمن قد توقف ليتنفس الجميع عبير الحب والتراحم.
ما أجمل أن تعود إلى الجذور في هذا الوقت من العام، حيث تتناغم الأشجار مع الأماني، وتتراقص الطيور في سماء الصعيد، وتزداد الفرحات بين أحضان العائلة.
العيد هنا هو بمثابة قصة نرويها للأجيال القادمة، عن زمن كانت فيه الضحكات تغني الحياة، والعلاقات العائلية تدفئ القلوب.
فمن "شطورة" إلى كل أنحاء مصر، العيد في قلوبنا أجمل وأصدق، إذ يبقى الفرحة المشتركة بين الجميع هي الرابط الأقوى، وكأنها رسالة من القلب إلى القلب، أن الحياة لا تكتمل إلا بلقاء الأحبة، وأن كل يوم نعيشه هو عيد جديد طالما كانت العائلة والأقارب والبلديات أجمل ما نملك.