فيما يتعلق بالأباطرة الرومان ومصيرهم، هناك لغز مهم حير المؤرخين وعلماء الآثار على حد سواء لعدة قرون وهو أين تقع مقابر وبقايا أبرز الأباطرة الرومان؟ يبدو هذا السؤال بسيطًا، إذ قد يفترض المرء أن الأدلة الأثرية ستقدم الإجابات، إلا أن الموضوع معقد، ويكشف عن سلسلة من الأسئلة التاريخية، إلى جانب التغيرات الثقافية والمجتمعية، وعواقب التنافسات السياسية وتسارع الزمن.
أعيد فتح أبواب ضريح أغسطس، الذى يعد دليلاً نادرًا باقيًا على ضخامة وعظمة روما الإمبراطورية، للجمهور فى عام 2021 بعد بحث أثرى مكثف وترميم مفصل، أمر أول إمبراطور روماني ببناء هذا القبر الدائري الجميل والفريد عام 28 قبل الميلاد، ووفقًا لما اكتشفه الخبراء على مر السنين، فقد ضمّ القبر رفات أغسطس نفسه، إلى جانب رفات تيبيريوس وكلاوديوس وأفراد آخرين من سلالة جوليو-كلوديان، ومع ذلك، ولدهشة الكثيرين، أصبح الآن خاليًا من أي قبور إمبراطورية وفقا لما ذكره موقع جريك ريبورت.

ضريح أغسطس
مصير معظم بقايا الأباطرة الرومان معقد ويشكل دليلاً على قوى الزمن والذاكرة الوحشية، حيث أحرقت جثث العديد من أباطرة الإمبراطورية الرومانية فى بداياتها بدلاً من دفنهم فى مراسم رسمية، حفظت رمادهم فى جرار داخل أضرحة فخمة صممت لإثارة رهبة من يشاهدها، إلا أن هذه الجرار سقطت ضحية لتاريخ روما المضطرب، وما رافقه من خراب للمدينة الخالدة، إن قيام بعض الغزاة المنسيين منذ زمن بتدمير معلم تاريخي من معالم روما، غالبًا ما خلف وراءه قبورًا فارغة، جردت من جوهر وجودها: رفات الأباطرة العظماء.
كان التحول إلى المسيحية في السنوات الأخيرة من عمر الإمبراطورية عاملاً مهماً آخر أحدث تغييرات جوهرية في ممارسات الدفن، فبمجرد أن سيطرت المسيحية على الإمبراطورية الرومانية، وضع أباطرتها في توابيت بدلاً من حرق جثثهم، لأن العقيدة المسيحية (الكاثوليكية والأرثوذكسية) لم تقر حرق الجثث، ولم تجيز الكنيسة الكاثوليكية حرق الجثث إلا عام 1963 بشروط محددة، ومع ذلك، اختفت حتى هذه البقايا الأثرية الكبيرة إلى حد كبير من السجلات التاريخية، مما أثار خيبة أمل محبي التاريخ الروماني.