سبعة أطفال مثل الورد، ما إن سمعت عائلتهم "أبو دقة" خبر وقف إطلاق النار في 19 يناير إلا وعادت لأنقاض منازلها لتتجمع وتضمد جراح من فقدتهم العائلة خلال الحرب، خاصة مع الاستهداف المتكرر من جانب الاحتلال لمدينة خان يونس، حيث مسقط رأسهم، لم يتوقفوا كثيرا عند البكاء بل بدأوا يعيدون بناء ما هدمه جنود إسرائيل، كانت كل آمالهم أن تستمر الهدنة وتصبح دائمة إلا أن آلة الدمار كان لها قرارا آخر.
فجأة وبدون مقدمات عادت الحرب مقدما وبطريقة أكثر وحشية، وأصبح القصف شاملا في آن واحد لكل مدن القطاع، بدأت أمهات العائلة يلمون شتاتهم مرة أخرى ويتجمعون في منزل العائلة، تحولت ابتسامة الأطفال ولعبهم خلال فترة الهدنة إلى بكاء ورعب، لم يكن يعلمون أنه خلال ساعات سكون هذا التجمع هو الأخير لهؤلاء الذين استشهدوا في وقت واحد وأرواحهم تظل تلعن من أطلق تلك الصواريخ ومن صنعها وأرسلها.
أطفال عائلة أبو دقة
صورة تداولها مواقع التواصل الاجتماعي لـ7 أطفال يجلسون في أريكة واحدة يتناولون العصير وينظرون للكاميرا التي تصورهم، ويبدوا أن الصورة التقطت خلال فترة الهدنة، وكانت الصورة الأخيرة لهم، لأن هذا التجمع لم يعد في الأرض بل أرواحهم جميعا أصبحت في السماء.
استشهاد 7 أطفال من عائلة واحدة ليس مشهدا غريبا في تلك الحرب البشعة التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة، خاصة أنه وفقا لأخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامى الحكومى في غزة أمس الإثنين 24 مارس، تكشف أن الاحتلال ارتكب 11,850 مجزرة ضد العائلات الفلسطينية، وهناك 2,165 عائلة فلسطينية أبادها الاحتلال ومسحها من السجل المدني، بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، وعدد أفراد هذه العائلات 6,161 شهيداً، وكذلك هناك 5,064 عائلة فلسطينية قتلتها إسرائيل ولم يتبق منها سوى فرداً واحداً فقط، وعدد أفرادها فاق 9,272 شهيداً.
وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فهناك 17,954 شهيداً من الأطفال، و274 طفلاً رضيعاً وُلِدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية، و876 طفلا استشهدوا خلال حرب الإبادة وعمرهم أقل من عام.
الأمر لم يتوقف فقط عند استشهاد الأطفال بل أيضا هناك حالة سوء تغذية يعيشها أطفال غزة، فوفقا للجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، هناك 31 وفاة على الأقل بسبب سوء التغذية والجفاف بينهم 28 طفلا، حيث يتسارع انتشار سوء التغذية بصورة مخيفة ويصل إلى مستويات مدمرة في قطاع غزة نظرا للمستويات الشديدة من انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023، وعمد الاحتلال إلى إغلاق كافة المعابر المؤدية للقطاع ومنع شاحنات المساعدات من الدخول وبالذات إلى محافظتي غزة وشمال غزة.
ووفقا لدراسة أجرتها اليونيسيف مع مجموعة من الشركاء تبين أن حوالي 31% من الأطفال دون عمر السنتين في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد،، كما أظهرت الدراسة أن حوالي 5% من الأطفال دون السنتين يعانون من الهزال الحاد في شمال القطاع، وهو يعد أخطر أشكال سوء التغذية حيث يضع الأطفال في أعلى مخاطر العواقب الطبية والوفاة ما لم يتلقوا تغذية علاجية عاجلة، حيث قبل العدوان على قطاع غزة بلغت نسبة الهزال بين الأطفال دون السنتين 0.6% وفقا للمسح الفلسطيني العنقودي متعدد المؤشرات 2019-2020.
هذا الاستهداف لم يكن الأول لتلك العائلة، بل في 6 نوفمبر الماضي استشهدت فلسطينيتان وأصيب أربعة آخرون جراء قصف قوات الاحتلال لمنزل المواطن رياض أبو دقة في بلدة الفخاري جنوب شرق خان يونس، فيما بحثت حينها طواقم الإنقاذ عن مفقودين تحت أنقاض المنزل المدمر، في محاولة للعثور على أحياء بين الركام.
