فيسبوك
واتساب
في عالم يضيق فيه الناس بتفاصيل الحياة اليومية، ويشعرون أحيانًا أن الحياة لا تتسع لهم ولا لأحلامهم، تأتي دعوة صغيرة لكنها عظيمة في معناها: "ربنا يوسع عليك"، قد يبدو الأمر وكأنها مجرد كلمات عابرة، لكن مع مرور الزمن، ستدرك أن لهذه الدعوة عمقًا يعكس النور في القلب والعين والروح.
"الوسعة" ليست مجرد مفهوم مادي، بل هي حالة نفسية وروحية تكمن في اتساع الفهم، وراحة البال، وفتح الأفق، وعندما نصل إلى هذه المرحلة، نجد أن أول شيء تتسع له هو القلب.
وسع القلب هو الذي يجعلك تحتفظ بالمساحة اللازمة لتحتمل الآخرين، لتمد يدك بالحب والتسامح، دون أن تشعر بثقل في الصدر، تكتشف أن الحب لا ينضب، وأن الحياة ليست عبارة عن معركة على الموارد المحدودة، بل هي رحلة لتبادل الخير والنية الطيبة.
ثم يأتي وسع العين الذي يمكننا من أن نرى الجمال حتى في أصغر التفاصيل، عندما تتسع عيوننا، نبدأ في رؤية الجمال في الأشياء البسيطة، وفي الأشخاص الذين قد نمر بهم دون أن نلاحظهم.
هذا السعة تمنحنا القدرة على رؤية الحُسن حتى لو كان بعيدًا عنا، حتى لو كان يتطلب منا الجهد لإيجاده، إنها دعوة للاستمتاع بالحياة كما هي، بمختلف ألوانها وأشكالها، بدلاً من انتظار "الكمال" الذي قد لا يأتي أبدًا.
أما وسع الروح، فهو الأعمق تأثيرًا، هو أن تتسع نفسك لتحمل الجميع، أن تتحلى بالمرونة في مواجهة تحديات الحياة دون أن تنكسر.
هذا التوسيع يعني أن تصبح أكثر قدرة على العيش بسلام داخلي، دون أن تشعر بأن الآخرين يشكلون تهديدًا لوجودك أو سعادتك.
يعني أن تتعلم كيف لا تحمل هموم الآخرين فوق كاهلك، وأن تدرك أن رزقك لا يتوقف عند الآخرين، وأن الله قد كتب لك نصيبك، ولن يأخذ أحدًا غيرك ما هو مقدر لك.
الرسالة هنا بسيطة لكنها عميقة: لا تضيق على غيرك، لا تجعل مساحة قلبك محدودة، ولا تتعامل مع الآخرين وكأنهم منافسين على رزقك، فالرحمة والتسامح هما مفتاح التوسيع الذي يفتح لك أبواب الرزق والبركة، ربنا يوسعها علينا جميعًا، ويجعلنا سببًا في التوسيع على الآخرين، ويمنحنا من فضله ورحمته ما يجعلنا نعيش في سعة دائمة.
دعوة التوسيع ليست دعوة للراحة المادية فحسب، بل دعوة للنمو الروحي والنفسي، هي دعوة لنبذ الضيق والتزاحم على الفرص، والعيش بنية أن نوسع من حولنا بما استطعنا، لأنه مع كل توسعة نقدمها للآخرين، نكتشف أن الله قد وسّعها علينا أضعافًا.
