في قلب الصحراء المصرية، حيث الرمال تتراقص تحت وهج الشمس، وحيث تتناثر خُيوط الرياح بين الصخور الجرداء، يعيش كائن هادئ، غامض، يبتعد عن الأنظار ولكنه ينبض بالحياة، هو الوشق المصري، ذلك الحيوان الفريد الذي لا يشبه غيره في سماته ووجوده، قد يكون بعيدًا عن أعيننا، لكنه قريب جدًا من فؤاد الطبيعة المصرية المدهشة.
الوشق المصري ليس مجرد حيوان، بل هو قطعة من التاريخ، ونسخة نادرة من تلك المخلوقات التي قد تختفي في لحظة إذا غفونا عن حمايتها.
وهو في حقيقته أشبه بظل خفي يتسلل عبر الغابات الكثيفة في الصباح الباكر، فيسير بخطى وئيدة تتناغم مع همسات الطبيعة، عيونه اللامعة تفضح سر الحياة البرية بكل تفاصيلها.
الوشق المصري، أو "النمر الصحراوي"، هو بطل غابة لا يعرف ضجيج المدينة، يتنقل بين التلال الحجرية وكأن العالم بأسره في قفص من ضباب.
تلك الكائنات التي يتسلل إليها الزمان بصمت، وقد أصبح من الممكن أن نشعر به أكثر عندما نراه في أفلام الوثائقية أو نقرأ عنه في صفحات العلم، لكن هل نعي حقًا حجم الخطر الذي يهدد بقاءه؟ في عالم سريع ومضطرب، يتعرض الوشق لتهديدات متعددة من الصيد الجائر وفقدان الموائل الطبيعية.
تكمن المشكلة في أننا لا نرى جماله إلا عندما يتحول إلى ذكرى في كتب التاريخ أو محط سؤال في حلقات النقاش حول الانقراض.
الزمن يعيد نفسه، كما اختفى الوشق في بعض الأماكن، قد نختفي نحن أيضًا في غياهب التقدم الجائر.
يستحق الوشق المصري أن يعود إلى أحضان أرضه، أن تستعيد الغابات صحوتها بوجوده، وأن نجد أنفسنا في وسط تلك الصحراء الواسعة، نسمع همسات الوشق وصوت خطواته الخفية التي تذكرنا بأن الحياة، في أي شكل كانت، بحاجة إلى اهتمامنا ورعايتنا.
الوشق المصري ليس مجرد رمز للحياة البرية، بل هو صوت الغابة الضائع الذي يستحق أن يُسمع من جديد، وهو في كل خطوة يخطوها، يعلمنا درسًا عن كيفية العيش في تناغم مع الطبيعة، وكيفية الحفاظ على ما تبقى من جمال هذا الكوكب الذي نخنقه بأيدينا.