نجيب محفوظ يرفض تدخل ثروت أباظة لحصوله على درجة وظيفية.. اعرف الحكاية

تمر اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الكبير ثروت أباظة، الذي ولد في 15 يوليو 1927، ورحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 17 مارس من عام 2002، واشتهر بإبداعه الروائي والقصصي الذي أثرى المكتبة العربية.

نشأ ثروت أباظة في بيئة أدبية عريقة، فجده هو الشاعر عزيز أباظة، وعمه الكاتب الكبير فكري أباظة، أما والده فهو الأديب دسوقي أباظة، مما جعله ينهل من نبع الثقافة منذ نعومة أظفاره.

كان ثروت أباظة على صلة وثيقة بالأديب العالمي نجيب محفوظ، بدأت تلك العلاقة حين كان والد الأول وزيرًا للأوقاف عام 1946، وكان محفوظ يشغل منصب سكرتير الوزير لشؤون مجلس الأوقاف الأعلى، ومع دخول ثروت الجامعة، توطدت علاقته بمحفوظ من خلال لقاءاتهما المستمرة في الوزارة، فجمعت بينهما صداقة امتدت لسنوات طويلة.

وفي أحد لقاءاتهما عام 1954، حثّ ثروت أباظة نجيب محفوظ على الزواج، لكنه فوجئ بأن محفوظ متزوج بالفعل، وهو الأمر الذي لم يكن يعلمه من قبل، وخلال حديثهما، أبدى نجيب استياءه من تأخر ترقيته الوظيفية لمدة عشر سنوات، مما دفع ثروت للاستغراب قائلاً: "لقد كنت مستحقًا لهذه الدرجة حين كان أبي وزيرًا، ولم تخبرني بذلك!"، فأجابه محفوظ بابتسامته الهادئة: "هل كنت أعرفك من أجل أن تسعى لي في درجة؟ أترضى لي هذا؟".

كان هذا الموقف كافيًا ليجسد النزاهة التي تحلى بها نجيب محفوظ، ويؤكد احترامه لذاته ولمبادئه، وهو ما أثار إعجاب ثروت أباظة الذي رأى فيه إنسانًا نادرًا في هذا العالم.

لم يكن ثروت أباظة مجرد كاتب عابر في سماء الأدب، بل كان صاحب رؤية عميقة انعكست في أعماله، ولعل روايته الأشهر "شيء من الخوف" خير دليل على عبقريته الأدبية، حيث تحولت إلى فيلم سينمائي أثار جدلًا واسعًا عند عرضه.
رحل ثروت أباظة عن عالمنا، لكنه ترك إرثًا أدبيًا سيظل خالدًا، وحكايات لم تنته بعد عن صداقاته، وإبداعاته التي تشهد على زمن كان الأدب فيه مرآة صادقة للمجتمع.