شخصيات مصرية أثارت الجدل.. هل كانوا أنبياء أم مهندسين وحكماء؟

الإثنين، 17 مارس 2025 11:00 م
شخصيات مصرية أثارت الجدل.. هل كانوا أنبياء أم مهندسين وحكماء؟ إخناتون
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الحضارة المصرية القديمة قائمة على العلم، وظهر فيها العديد من الشخصيات المثيرة للجدل، فقد كانوا مميزين في الفكر والعلوم، لكن البعض ظن أن علمهم وحي وأنهم أنبياء.

وفي كتابه "الديانة المصرية" يطرح الباحث العراقي خزعل الماجدي، فكرة عن المعتقدات الدنيوية في الحضارة المصرية، ويتحدث عن الحكمة والنبوة، ويستعرض الإشارات المهمة لموضوع النبوة في مصر القديمة، ويرى أنها تشملشخصيات منها:

1- هرمس مثلث العظمة

ويروى أنه كان مصريًّا بعد الطوفان وأنه بنى الأهرام، ويرتبط بشخصية "أمحتب" الحكيم والمهندس المصري الذي هندس بناء الهرم المدرج، وكان وزير الملك المصري (الفرعون) زوسر من الأسرة الثالثة في مصر.

والحقيقة أن هناك جدلًا واسعًا حول أصل هرمس وشخصيته المتراوحة بين الألوهية والنبوة والحكمة والملوكية، ويعتقد أن تسمية هرمس مثلث العظمة أو المعظَّم ثلاثًا أو مثلث النعم أو مثلث الرحمة هي ألقاب يجمعها مصطلح (Hemes Trimagestus) وقد أطلقت عليه لأنه جمع بين "النبوة والحكمة والملوكية".

كما ذكره سفر التكوين في التوراة باسم أخنوخ، وذكره الإنجيل بنفس الاسم، وذكره القرآن باسم "إدريس".

وتُجمع المرويات على أنه أول من اخترع الكتابة، وأول من كتب الصحف، وأول من خاط الثياب ولبسها، وفي صفاته ما يدل على اهتمامه بالحكمة والكيمياء والفلك والتنجيم والطب … إلخ، وأنه أول من حصل على الخلود، وأول من صعد إلى السماء، وغير ذلك كثير.

والحقيقة أننا لا يمكن التوسع، في هذا الكتاب، في البحث عن شخصية هرمس الحقيقية، رغم أن الأمر يستحق ذلك، لكننا توصلنا في كتابنا "موسوعة الفلك عبر التاريخ" إلى أن هرمس هو أحد ملوك ما قبل الطوفان، خلافًا لكل الآراء المطروحة، وقادتنا المقارنات اللغوية والآثارية على الإله السومري "إنكي" أو "إيا" إله الماء والحكمة والسحر في سومر، والذي كان يرمز له بإنسان يلبس ملابس سميكة ظهر في زمن أحد ملوك ما قبل الطوفان، وهو الملك "أمينون" وأعطى له معارفه وشرائعه، ثم أعطى هذا الملك تلك المعارف والشرائع إلى ملك آخر، هو إيفيدوراكوس الذي سبق "أوبار توتو"، والذي يشكل بأنه نفسه "زيو سدرا" أي نوح السومري … ولذلك ينحصر بحثنا عن هرمس السومري بين "أمينون" و"إيفيدوراكوس"، وهما يقابلان الملكين الثالث والسادس من ملوك سومر قبل الطوفان.

ويبدو أن هذه الشخصية انتشرت شرقًا وغربًا، ففي مصر ارتبطت باسم الإله "تحوت" وباسم الوزير "إمحوتب" وباسم الفرعون خوفو (حيث كان هرمس يسمى خنوفيس الذي يتطابق مع خوفو)، ويُنسب لهؤلاء بناء الأهرام (لاحظ كلمة هرم لها علاقة بهرمس)، وفي بلاد فارس طوبق مع "أبجهد" حفيد آدم الفارسي، وكذلك مع "أهورا مزدا" إله النور الذي يقترب من لفظ "هرمز". وفي اليونان ظهر هرمس بمثابة الرسول الملكي … وهكذا.

ولذلك يكون هرمس شخصية مختلفًا عليها، ذات أصول رافدينية ونهايات إغريقية شطحت بها الأساطير ولم تعد شخصية ملموسة.

2- إمحوتب

وهو الطبيب والمهندس الذي بنى هرم زوسر المدرج، ورغم شهرته الطبية والهندسية لكنه كان حكيمًا أيضًا، وهو شاعر وفيلسوف، وقد ظهر إمحوتب في زمن الأسرة الثالثة، وتحديدًا في زمن زوسر، وقد ضربت شهرته الآفاق وألهمت الإغريق لاحقًا وطابقوه مع الإله إسكلابيوس (إله الطب)، وهناك من طابقه مع النبي "يوسف"وغير ذلك. ونرى أن له علاقة بهرمس الحكيم المشهور الذي ظهر في العالم القديم.

إنه  "الذي يمضي قدمًا نحو السلام. وهو الكاهن الأعظم بإيونو (هليوبوليس)، مدينة الدعامة". بالإضافة لذلك، فقد عمل مستشارًا للملك زوسر؛ والمعماري الأول الذي أقام هرم سقارة. وسرعان ما أصبحت "المعرفة" الذي تميز بها وحياته نفسها بمثابة أسطورة. ولذا، كان الكتبة المصريون يضحون من أجله بقطرة حبر قبل بداية عملهم. وينسب إليه عدد كبير من الأمثال والحكم، ربما قد استلهمت منه شخصية سليمان الحكيم نفسه. وفي وقت لاحق، أدمجه الإغريق بابن أبوللون: إسكلبيوس، الطبيب، تلميذ "المعلم" هرمس، تريز ماجست» (تيبو، ٢٠٠٤م، ٦٤).

3- إخناتون

الشخصية الوحيدة اللافتة للانتباه في هذا المجال هي شخصية أخناتون وثورته التوحيدية المعروفة، رغم أنه كان أقرب للفرعون والملك منه إلى النبي، لكن حضوره الديني وما فعله أمر يجعلنا نقف طويلًا لمناقشة النبوة وطبيعتها المصرية الخاصة.

4- النبي المنتظر "إميني"

عندما استلم الفرعون "إمنمحات" (إمينيمحات) الحكم في مصر وأسس الأسرة الثانية عشرة في حدود القرن العشرين قبل الميلاد، بعد أن شهدت مصر اضطرابات كثيرة تصارع فيها الكثيرون على العرش ونشبت بينهم خلافات وحروب ضاعت خلالها هيبة الملك الفرعون وتأثيره المقدَّس على الناس، فقرر أن يعيد هذه الهيبة ليرسخ حكمه وحكم سلالته من بعده، فاخترع طريقة صارت، فيما بعد، أساسًا عمليًّا لما يعرف بالمخلص أو المنتظر في الأديان، فقد ادَّعى أنه عثر على بردية تعود لمؤسس الأسرة الرابعة سنفرو (أي قبله ﺑ 600 سنة) وقد عُرف عن سنفرو أنه مشهور بحكمته وصدقه، هذه البردية كتبها كاتب اسمه (نفرتي، نفرر رهو) مدونًا نبوءة لسنفرو تقول بأن ملكًا سيخرج من أرض الجنوب اسمه "أميني" ابن امرأة من بلاد القوس (النوبة) يضع على رأسه التاج الأبيض، والتاج الأحمر يزين هامته، فيحمل التاجين ويوحد القطرين ويقبض على البلاد (فلا ينفرط العقد ثانية)، يفرح الشعب به وهو يملك إلى الأبد ولا نهاية لملكه. وكانت هذه المواصفات تنطبق على إيمنيمحات الأول، وهكذا عرف الناس بالوثيقة وصدَّقوا بها والتفوا حوله، وأصبح هو المخلِّص المنتظر.

وقد انتشرت هذه الوثيقة بعد فترة الخراب الثانية مع نهاية الأسرة الثانية عشرة، وظهرت بقوة في عهد أحمس الذي طرد الهكسوس، وصار أحمس المخلِّص المنتظر، ثم عادت مع الأسرة التاسعة عشرة، كوثيقة يدرسها ويكتبها الطلبة في المدارس.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة