في عام 1890، رسم فينسنت فان جوخ بورتريه للدكتور بول فرديناند جاشيه في وضعية كئيبة تُذكرنا بلوحة "ميلينكوليا " لدورر، وقبضته مشدودة على خده. كان طبيبًا مُعالجًا بحاجبين مُقطبين ونظرة دامعة، ينظر بحزن "وجهه بلون طوبة مُسخّنة، وقد أحرقته الشمس، بشعر مُحمرّ وقبعة بيضاء"، وفقًا للفنان، يمتلك "تعبيرًا حزينًا من عصرنا" وقد أراد فان جوخ ابتكار بورتريهات حديثة تستخدم الألوان للتعبير عن مشاعر فائضة فكتب إلى أخيه: "أود أن أرسم بورتريهات تظهر بعد قرن من الزمان للناس الذين عاشوا آنذاك كأشباح".
أصبح فان جوخ تحت رعاية جاشيه بعد أن قطع أذنه وقضى عامًا في مصحات نفسية في جنوب فرنسا، حيث عانى من أوهام الاضطهاد وحاول الانتحار عدة مرات وفقا لموقع أبولو.
صوّر زملاءه السجناء الغامضين متزاحمين حول موقد عنبر طويل، والستائر تُغلف الأسرّة وشبّه الجناح بـ"غرفة انتظار من الدرجة الثالثة في قرية راكدة"؛ كان المرضى أشبه بمسافرين، تُركوا "ليعيشوا في كسل".
وللتخفيف من ملل نفسه، بدأ، على نهج جيريكو، برسم صورهم الشخصية. كتب إلى أخيه: "برؤية حقيقة المجانين والمختلين عقليًا في هذه الحديقة، أفقد الرهبة الغامضة، والخوف من هذا الشيء. وشيئًا فشيئًا، أستطيع أن أنظر إلى الجنون كمرض كأي مرض آخر".
كان جاشيه ضد عزلة المرضى العقليين، معتقدًا أنه يجب دمجهم في المجتمع وانخراطهم في أنشطة مفيدة، ونصح فان جوخ "بالعمل كثيرًا وبجرأة". في الواقع، بدا واثقًا من قدرته على منع انتكاسة مرض فان جوخ بهذا النظام.
وقد أكمل الفنان ما يقرب من لوحة قماشية يوميًا في أشهره الأخيرة في أوفير سور أواز، على بعد 30 كيلومترًا شمال غرب باريس. وفي رسالة إلى شقيقه وصف جاشيه الذي "يرسم في أوقات فراغه" و"كان على اتصال بجميع الانطباعيين" بأنه يشبه فنسنت "فان جوخ" ويذكره به.
بورتريه دكتور بول جاشيه