اختيرت مجموعة "دليل عاملات النظافة" ضمن أفضل 100 كتاب فى القرن الحادى والعشرين حسب صحيفة نيويورك تايمز، وهى من أكثر الكتب مبيعًا عالميًا، ويجمع كتاب "دليل عاملات النظافة" أفضل أعمال كاتبة القصة القصيرة لوسيا برلين.
فى هذه المجموعة تصنع برلين معجزات من الحياة اليومية، كاشفةً عن لحظات في مغاسل الملابس وبيوت إعادة التأهيل في جنوب غرب أمريكا، وفي منازل الطبقة العليا في منطقة الخليج، وبين عاملات الهاتف والأمهات المكافحات، والمهاجرين غير الشرعيين.
لم تكن قصص لوسيا برلين القصيرة معروفةً على نطاقٍ واسعٍ خلال حياتها وقد حازت بعض المجموعات التي نشرتها دور نشرٍ صغيرة بين السبعينيات والتسعينيات على إعجابٍ محدودٍ ولكن القصص الـ43 التى جُمعت فى كتاب "دليل عاملات النظافة" تؤكد أحقيتها فى الحصول على تقديرٍ واحتفاءٍ أوسع بمواهبها.
لوسيا برلين، التى عاشت 68 عامًا، استوعبت العديد من الثقافات، حيث نشأت في معسكرات التعدين النائية في ألاسكا والغرب الأوسط، وكانت طفلةً وحيدةً وتعرضت للإساءة في تكساس خلال فترة الحرب وكانت شابة ثرية ومتميزة في سانتياجو؛ وامرأة عصرية بوهيمية تعيش في شقة علوية في نيويورك في خمسينيات القرن الماضي؛ وممرضة طوارئ في وسط مدينة أوكلاند في السبعينيات في الثانية والثلاثين من عمرها، تزوجت ثلاث مرات، وأنجبت أربعة أبناء، وكانت تعاني من إدمان مزمن على الكحول.
حياتها الحافلة بالأحداث هى موضوع هذه القصص ففي قصة "وداعا"، وُصف زواجها من مدمن هيروين بأنه يجمع بين "أوقات من السعادة الغامرة والألوان الزاهية، وأوقات بائسة ومخيفة"، وهذا يُسهم إلى حد ما في تجسيد النطاق العاطفي للمجموعة، يتسلل الشعور بالوحدة والعار عبر قصص تدور أحداثها في المستشفيات، وعيادات علاج الإدمان، ودور المسنين، والسجون، ولكن على الرغم من قتامة المشهد، تتميز كتابات برلين بشغف كبير بالحياة، والفكاهة، والحب.
في قصة "لدغات النمر"، تروي تفاصيل أهوال عيادة إجهاض سرية في المكسيك، ويبقى الدفء والمرح الأخّاذ في علاقة الراوية بابنة عمها الفاتنة حاضرًا بقوة.
شغلت برلين العديد من الوظائف خلال حياتها، وهي مؤرخة للمؤسسات وعالم العمل الذي غالبًا ما يُغفل عنه - لا سيما وظائف الممرضات وعمال النظافة والإداريين والمعلمين المؤقتين، ذات المكانة الاجتماعية المتدنية والأجور المتدنية.
في قصة "دعني أراك تبتسم"، وُصفت إحدى الشخصيات بأنها "تمتلك فضولًا عاطفيًا تجاه الجميع"، وينطبق الأمر نفسه بوضوح على برلين نفسها وبعض القصص، مثل "دفتر غرفة الطوارئ 1977"، تقترب من التقارير الصحفية.
هذه قصص تُجسّد العالم شبه الخفي من حولنا عبر تفاصيل عابرة، معبرة، من العادي إلى المؤثر، أسلوب برلين مباشر، يمتد من الصفحة إلى القارئ. قد تظن أنك تقرأ رسائل من صديقة عندما تُلقي عبارات مثل "أعلم، أُضفي طابعًا رومانسيًا على كل شيء"، أو "أبالغ كثيرًا وأخلط بين الخيال والواقع، لكنني لا أكذب أبدًا". لكن هذا الأسلوب جمل قصيرة وقاسية وانعكاسات سريعة تُذكرك، إلى جانب صياغة سردية بارعة، بأن هذه قصص مُصاغة بعناية.
في قصة "ماما"، تُمضي الراوية كل وقتها في إقناع أختها المُحتضرة، ثم تُقنعها أخيرًا، بأن أمهما القاسية الثملة تستحق بعض العطف، قبل أن تكشف في السطر الأخير: "أنا... لا أرحم".