لم يكن نجاح الجزء الثانى من مسلسل جودر مفاجئًا، لكنه أكد حقيقة باتت واضحة وهى أن الحكاية الشعبية قادرة على أن تكون معاصرة، وأن تبقى نابضة بالحياة متى وُجدت الرؤية القادرة على إعادة تقديمها بروح الزمن الحاضر دون أن تفقد سحرها الأسطورى، هذا النجاح يفتح الباب على مصراعيه أمام تقديم مزيد من الحكايات المستمدة من ألف ليلة وليلة ومن التراث العربى الغنى، سواء تلك التى اشتهرت عبر الأزمنة، أو التى لم تأخذ نصيبها من الأضواء بعد، ومن بينها كنز الشمردل لكامل كيلانى، الذى يعد واحدًا من أعمدة أدب الطفل العربى.
ومنذ ظهور الجزء الأول، نجح جودر فى تقديم نموذج جديد للبطل الشعبى؛ فهو ليس مجرد مقاتل مغوار أو رجل خارق القدرات، بل شخصية نابضة بالحياة، تشبه الإنسان العادى فى صراعاته الداخلية ومخاوفه وطموحاته، ومع ذلك يحمل روح المغامرة، والقدرة على التحدى، والميل للخير، وهى عناصر أساسية فى الأبطال الذين يخلدهم الأدب الشعبى، هذه الرؤية العصرية للبطل، التي جمعت بين البعد الأسطورى والإنسانى، جعلت العمل قريبًا من الجمهور، وجعلت المشاهد يشعر أن "جودر" يشبههم، رغم أن رحلته تغوص في عالم السحر والخوارق.
الأمر اللافت أن نجاح المسلسل لم يكن فقط على مستوى الشخصيات، بل في كيفية توظيفه للتراث السردي العربي، حيث لم يكتفِ بالسرد الحكائي التقليدي، بل أضاف عناصر بصرية وسردية تتناسب مع معايير الدراما الحديثة، من إيقاع سريع، وتصوير مبهر، وحوار يمزج بين اللغة التراثية والمفردات المفهومة للمشاهد اليوم.
إذا كان نجاح جودر قد أثبت أن الحكايات التراثية ما زالت قادرة على اجتذاب الجمهور، فإن الباب بات مفتوحًا أمام مزيد من الأعمال التى تستلهم هذا التراث، ومن بين هذه الأعمال نجد كنز الشمردل لـ كامل كيلانى، الأديب الذى أسس لأدب الطفل العربى.
كنز الشمردل ليست مجرد قصة مغامرة، بل هى عمل يحمل طابعًا تربويًا وتعليميًا دون أن يفقد متعته السردية، تدور أحداث القصة حول التاجر عمر، الرجل الصالح الذى أنجب ثلاثة أبناء، لكن اثنين منهم كانا جشعين وغادرين، بينما كان الابن الأصغر، جابر، مثالًا للأمانة والاستقامة، مما جعله الأقرب إلى قلب أبيه، وعندما اقتربت لحظة الحقيقة، انطلقت المغامرة التي تدور حول كنز غامض يُعرف باسم “كنز الشمردل”، لتكشف القصة عن قيم العدالة والمكافأة المستحقة للأخيار.
هذه الحبكة تحمل في طياتها جميع العناصر التي يمكن أن تجعل منها عملًا دراميًا متميزًا، فهي تضم صراع الخير والشر، وروح المغامرة، والغموض الذي يدفع المشاهد لمتابعة الأحداث بشغف.
ولعل النجاح الكبير لـ "جودر"، يثبت أن الجمهور العربي لا يزال متعطشًا لحكاياته الشعبية، بشرط أن تُقدم برؤية جديدة، تبتعد عن الأسلوب النمطي، وتستفيد من تطور السرد البصري والدرامي لتعيد إلى الأذهان سحر الليالي العربية، وتحملها إلى أجيال جديدة بعيون حديثة. فهل نشهد قريبًا كنز الشمردل على الشاشة.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025