ربما يجد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه فى اختبار مبكر أمام أنصاره وحزبه على حد السواء، بسبب الاقتصاد، الذى يعد الشاغل الأول للأمريكيين، فى ظل مخاوف من تراجع اقتصادى بسبب الحروب التجارية التى أشعلها مع العديد من دول العالم.
وقالت شبكة NBC News الأمريكية إن المشكلات الاقتصادية التى يواجهها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تضع الجمهوريين فى موقفا دفاعيا، مشيرة إلى ان إدارته فى موقف محرج لتفسير لماذا لم يؤد انتخاب ترامب إلى الدفعة الاقتصادية الموعودة.
وذهبت الشبكة إلى القول بان نهج ترامب المتسارع لإحداث تغيير جذرى أجبر حلفاءه على اتخاذ موقف دفاعى، فى تفسير خططه بعد تنفيذها، مما اثار مخاوف داخل الحزب الجمهورى من ان كل ذلك قد ينتهى بكارثة.
وتزداد المخاوف حدة فيما يتعلق بالاقنصاد، حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعى حوالى 7% من قيمته هذا الشهر، ويتوقع العديد من خبراء الاقتصاد إما تباطؤ النمو أو حدوث ركود اقتصادى. ولم تثن هذه المخاوف ترامب عن الاستمرار فى فرض الرسوم الجمركية على الأعداء والأصدقاء على حد السواء، والتى من المتوقع أن ترفع الأسعار على المستهلكين الأمريكيين، وواصل تقليص وظائف الحكومة الفيدرالية ومنحها وعقودها.
ونقلت NBC News عن أحد الأشخاص المطلعين على المناقشات حول الاقتصاد مع مسئولى البيت الأبيض، إن هناك مخاوف. وأضاف أن هذه الآثار على الأسواق والاقتصاد محسوسة بشكل فورى، فى حين أن السياسات التى تهدف إلى النمو مثل خفض الضرائب والتنظيمات تستعرق وقتا أطول بكثير لتنفيذها.
وفى الأحاديث المغلقة، أعرب مسئولون فى المجلس الاقتصادى الوطنى التابع للبيت الأبيض عن مخاوفهم من صعوبة التعافى السريع من الركود، بحسب ما ذكر مصدران مطلعان على المناقشات الداخلية فى البيت الأبيض.
وقال مصدر آخر يتحدث بشكل مستمر مع مسئولى الإدارة، إن البيت الأبيض يحاول النظر إلى الهزات الاقتصادية على المدى البعيد، إلا أن هذا النهج محفوف بمخاطر كبيرة سواء للاقتصاد أو الموقف السياسى للجمهوريين، لو لم يحدث تحسنا.
ويعتقد العديد من مسئولى الإدارة أن الرسوم الجمركية ليست سياسة سليمة، ولن يتم فرضها فى نهاية الأمر لفترة طويلة. لكن، وكما يقول المصدر، فإن ترامب لا يريد التحدث معهم الآن.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست إنه بعد أن أربكت "الصدمة والرعب" التى شهدتها الأسابيع الأولى لترامب خصومه السياسيين، أثارت مسألة قدرته على الوفاء بوعوده الاقتصادية استياء بعض الناخبين الذين ساهموا فى توسيع دائرة أنصاره. وبينما يواصل العديد من مؤيدى ترامب وضع ثقتهم فيه رغم التوقعات الاقتصادية، بدأت شعبية الرئيس الأمريكى فى التراجع، وقد رصيده السياسى محل اختبار إذا عانى الاقتصاد فى الأشهر المقبلة. ويتعين على الجمهوريين فى الكونجرس، الذين يتعرضون لضغوط لتمرير أجندة ترامب، العمل أيضًا للحفاظ على سيطرتهم على الكونجرس خلال انتخابات العام المقبل.
ونقلت الصحيفة عن ويت آيرز، خبير استطلاعات الرأى الجمهورى المخضرم، قوله إنه من الواضح جدًا أن الناس صوتوا له لتحفيز الاقتصاد وخفض التضخم ووقف الهجرة غير الشرعية، والابتعاد عن ثقافة اليقظة، وهو ما يطلق على الأجندة الليبرالية المتشددة. وأضاف: "إذا نظرنا إلى ما يهيمن على الأخبار هذه الأيام، نجد أنه يميل إلى التخفيضات الهائلة فى التوظيف الفيدرالى، وأزمة أوكرانيا، وتراجع سوق الأسهم.
وتقول الصحيفة: عندما يتوقع الناس منك القيام بمجموعة من الأمور عند التصويت، ثم إذا سيطر على الأخبار مجموعة أخرى، فإن ذلك يؤدى إلى قدر كبير من خيبة الأمل.
اختار الناخبون ترامب إلى حد كبير بسبب إحباطهم من الاقتصاد، بعد أن جادل ترامب والجمهوريون بأن سياسات الرئيس جو بايدن أدت إلى تضخم جامح. قدم ترامب نفسه كدواء، متعهدًا بأن يكون فعالًا بمجرد أدائه اليمين الدستورية. ولكن مع مرور اليوم الثانى والخمسين على توليه منصبه، شهدت سوق الأسهم انخفاضًا حادًا، وظلت أسعار العديد من السلع اليومية مرتفعة، وشجع ترامب وحلفاؤه الأمريكيين الذين يزدادون حذرًا على التحلى بالصبر بينما يتعهد بإعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكى وتعزيز التصنيع من خلال فرض رسوم جمركية على السلع الأجنبية.