محمد أيمن

مصر في قلب العاصفة.. صمود الدولة وسط مشاريع التفكيك الإقليمي

الخميس، 13 مارس 2025 07:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تواجه مصر تحديات غير مسبوقة، تتزامن جميعها في لحظة تاريخية فارقة، من أزمات اقتصادية وإقليمية إلى تحولات جذرية في التوازنات الدولية. ورغم ذلك، تُثبت القاهرة يومًا بعد يوم قدرتها على المناورة الاستراتيجية، وتحقيق إنجازات ملموسة في الأمن القومي، والسياسة الخارجية، والتنمية الاقتصادية.

منذ اتفاقيات سايكس بيكو قبل أكثر من قرن، لم تهدأ محاولات تفتيت المنطقة. ومع انهيار دول المواجهة الكبرى، العراق وسوريا، لم يبقَ سوى مصر كرقم صعب أمام مخططات إعادة رسم الخرائط. فقد بدأ مشروع إضعاف الجيوش الوطنية بتفكيك الجيش العراقي عبر سلسلة من الحروب والعقوبات، ثم أُدخلت سوريا في أتون حرب داخلية مدمرة، تم فيها استخدام التنظيمات الإرهابية كأداة لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي.


في عام 2011، امتدت موجة ما عُرف بـ"الربيع العربي"، مستهدفة إسقاط الأنظمة وإحلال الفوضى. نجح المشروع في دول عديدة، لكنه انهار في مصر بفضل التفاف الشعب حول قواته المسلحة، ما أدى إلى استعادة الاستقرار في 30 يونيو 2013. ورغم استمرار الضغوط الخارجية والإرهاب العابر للحدود، صمدت الدولة المصرية، وخاضت معارك مصيرية ضد التنظيمات المتطرفة، ونجحت في إعادة هيكلة مؤسساتها الأمنية والاقتصادية.


بينما كانت مصر تستعيد توازنها، كانت سوريا تسير في طريق التقسيم الفعلي. فقد أدارت القوى الكبرى الصراع بذكاء، حيث سمحت للميليشيات المسلحة بتقويض الجيش السوري، وأدخلت روسيا في حرب استنزاف بأوكرانيا، مما أجبرها لاحقًا على تقليص نفوذها في سوريا. بالتوازي، عززت إسرائيل سيطرتها على أجزاء واسعة من الجنوب السوري، ودمّرت القدرات العسكرية للجيش السوري بشكل ممنهج، ما أدى إلى تحول سوريا إلى ساحة نفوذ مجزأة بين قوى إقليمية ودولية.


وسط هذه الفوضى، بقيت غزة تحت القصف الإسرائيلي المستمر، في محاولة لتفريغ القطاع من سكانه. إلا أن الموقف المصري كان حاسمًا في رفض التهجير القسري، ونجحت الدبلوماسية المصرية في فرض رؤيتها خلال القمة العربية الأخيرة، حيث أُقرت خطة "إعادة الإعمار دون تهجير"، مما قطع الطريق أمام أي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي للقطاع. وجاءت التصريحات الأمريكية الأخيرة تأكيدًا لهذا التوجه، ما يُعد انتصارًا سياسيًا يُحسب للقاهرة.


يبدو أن المشروع الأمريكي الجديد يسعى لجعل إسرائيل القوة المهيمنة إقليميًا، بعد أن كانت تُعد مصدر تهديد. لكن يبقى التحدي الأكبر أمام هذا المخطط هو الوجود المصري. فمصر، رغم التحديات، لا تزال تمتلك قوة ردع حقيقية، بجيشها القوي وموقعها الاستراتيجي، وهو ما يجعلها العقبة الأخيرة أمام إعادة تشكيل المنطقة وفق المخطط الأمريكي الإسرائيلي.


في ظل هذه التطورات، يتضح أن المواجهة الحقيقية ليست فقط عسكرية أو سياسية، بل هي معركة وعي وإدراك لمجريات الأحداث. مصر لم تكن يومًا دولة هامشية في معادلة الأمن الإقليمي، وما يحدث اليوم يؤكد أن دورها لا يزال محوريًا في رسم مستقبل المنطقة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة