منذ الإعلان عن مسلسل معاوية، انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، لكن بعيدًا عن الجدل السياسي أو الديني، هناك إشكاليات أساسية تتعلق بكيفية تناول الدراما لفترة مبكرة من التاريخ الإسلامي، ومدى التزامها بالحقائق التاريخية، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات الصحابة والخلفاء الراشدين.
أحد أبرز الاعتراضات التي طُرحت هو تجسيد الصحابة الكرام، وهو أمر طالما كان موضع خلاف بين المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، وعلى عكس ما حدث في فيلم الرسالة، الذي التزم بعدم تجسيد الشخصيات المحورية باستثناء حمزة بن عبد المطلب، يأتي معاوية ليقدم كل الخلفاء الراشدين في مشاهد تمثيلية، مما يثير تساؤلات حول شرعية وأخلاقية هذا الطرح.
إلى جانب ذلك، يواجه المسلسل انتقادات بسبب عدم دقته في سرد الأحداث، خاصة فيما يتعلق بحياة معاوية بن أبي سفيان الشخصية، حيث أضاف المؤلف تفاصيل غير موثقة تاريخيًا، مما يجعل العمل أقرب إلى الدراما الخيالية منه إلى التأريخ الدقيق، وهذا يطرح إشكالية أخرى تتعلق بمدى أحقية الدراما في إعادة تشكيل التاريخ وفقًا لرؤية المؤلف، خاصة عندما يكون العمل متعلقًا بشخصيات إسلامية بارزة.
كما قدم مسلسل "معاوية" النساء سافرات بطريقة كبيرة، فعلى عكس الرجال الذين يرتدوا العباءات، مغطئون رؤوسهم، هناك النساء دون غطاء للرأس مع تسريحات شعر حصرية، وهو المنافي للشكل أو الطبيعة التي كانت عليها الحياة في هذه الفترة المبكرة من التاريخ.
أما من الناحية البصرية، فقد بدا الديكور بعيدًا تمامًا عن البيئة التاريخية التي يفترض أن يعكسها، فالقصور الضخمة، وأحواض السباحة، والمباني والعمدان التي تظهر في المشاهد لم تكن موجودة في المدينة المنورة أو دمشق في هذه الحقبة المبكرة، ولا تتناسب مع البيئة والفترة الزمنية، مثل هذه المظاهر لم تظهر إلا لاحقًا عندما بدأ الأمويون في التأثر بالطرز البيزنطية، وبالتالي، فإن تقديم هذه الصورة يُضلل المشاهدين، ويخلق تصورًا خاطئًا عن طبيعة الحياة في ذلك العصر.