نفخر دوما بتاريخ الفن المصري السباق، والذي شكل ركيزة أساسية لتصدير الفنون للشرق الأوسط بالكامل، حيث يعتبر الفن المصري منبرا للفنون والثقافة في المنطقة بالكامل، وفي تاريخ السينما والدراما والموسيقى للفن المصري دوما الريادة، حيث قدمت الدراما المصرية للوطن العربي بالكامل أعمال خالدة تركت أثارها في نفوس ووجدان الجمهور وساهم في تشكيل الهوية الثقافية والعربية بالكامل.
الدراما المصرية تميزت بتنوعها بين الكوميديا والتراجيديا والاجتماعي والتاريخي، والفانتازيا ودوما ما كانت قصص التراث والبطل الشعبي والانتصار للحق والعدالة والوقوف بجوار الضعفاء والمهمشين هو واحد من أكثر التيمات رواجا في الدراما المصرية وهناك دول لا تقدم سوى تلك التيمة.
ويضم أرشيف الدراما المصرية، مسلسل هو واحد من أهم الأعمال الكلاسيكية في الدراما المصرية، هو مسلسل "على الزيبق" للنجوم فاروق الفيشاوى وأبو بكر عزت وهدى سلطان، وهو العمل الذي عرض عام 1985 وحقق وقتها نجاحا جماهيريا كبيرا.
تدور أحداث المسلسل فى عهد المماليك عن الطفل على الذى يقتل والده على يد أعدائه من المماليك ويكبر على وينتقم منهم بواسطة الحيل والألاعيب التى تعلمها من مساعد والده سالم والقصة من التراث الشعبى.
المسلسل من بطولة فاروق الفيشاوى وهدى سلطان وأبو بكر عزت وحمدي أحمد وليلى فوزى، وإبراهيم الشامى وجمال إسماعيل، وتأليف يسرى الجندى وإخراج إبراهيم الشقنقيري.
وتعتبر سيرة "على الزيبق" واحدة من أشهر النصوص الشعبية التى سجلت فى لحظةٍ تاريخية فارقة اتحاد الوجدان الشعبى فى مواجهة الاستبداد والفساد وظلم الحكام بسلاح السخرية والهجاء والتوارى خلف الرمز ومجازية الخيال، وتناولت الملحمة الشعبية حول دائرة فساد السلطة التي تبدأ من الخليفة العثمانى لتصل إلى أصغر مسئول فى القلعة، حيث يطلق حسن رأس الغول شرارة الثورة ضد الظلم المتمثل فى المقدم سنقر الكلبى ومصرعه على يد رمانة، ويأتى ابنه على الزيبق ليحيي بارقة الأمل من جديد ويستكمل مشوار أبيه فى الكفاح ضد الاستبداد.
وفي السياق ذاته فمصر لديها مخزون كبير وأرشيف مفتخر لعالم كامل من الفانتازيا والخيال سواء بتقديم ألف ليلة وليلة في شكل الحواديت والحكايات والتي شكلت طفرة وقتها رغم ضعف الإمكانيات، أو من مسلسلات مثل ألف ليلة وليلة والذي قدم في عام 2015 ، حيث لعب بطولته شريف منير ونيكول سابا وكان من قلب حكايات كتاب (ألف ليلة وليلة) الشهيرة.
ثم غابت دراما البطل الشعبي وعالم التراث والفنتازيا والخيال عن حواديتنا، إلى أن قدمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أول مسلسل عربى شرق أوسطى يُظهر البطل الشعبى وهو مسلسل جودر، بعد سنوات طويلة كنا مخدوعين فيها بأن مصر لا تستطيع ويبدو أن الهدفكان إحباط الهمم والتأثير على الصناع بكونهم غير قادرين على تقديم عمل بحجم مسلسل جودر لتأتي الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وتهدم كل التصورات المخفية وتحطم جدار الخوف وتقدم على تقديم إنتاجات ضخمة بمحتوى درامي راقي ينافس الدراما العالمية، ويحترم عقول الجمهور المصري والعربي ونقدم لهم عملا دراميا يستحق المشاهدة ويعيد لهم البطل الشعبي جودر الذي يدافع عن الضعفاء ويقف في وجه الظلم ويحارب الظلمات للوصول إلى النور.
المستوى الذي ظهر عليه مسلسل النجم ياسر جلال جودر للمخرج إسلام خيري، انتصار للشباب، وللشركة المتحدة ولصناع الدراما المصرية سواء في الجزء الأول منه أو الثاني، فهو وتأكيد على ان الثقة التي مُنحت لصناع العمل يستحقونها ثقة في محلها وإيمان وبطاقته وبقدرة الشباب.
طاف مسلسل جودر بالجمهور في عالم ساحر وخيال جامح ، عالم الأساطير ذلك العالم الواسع الذي يعقد صناع الدراما والسينما معك عقدا قبل دخوله، مفاداته أن تطلق لنفسك العنان، تسرح بخيالك لبعيد حيث لا قيود، يأخذك لعالمه دون حسابات، عالم يجسد فيه النجم ياسر جلال دور شهريار وجودر الصياد وهو العمل الذي يحسب للمؤلف الواعي المحترف أنور عبد المغيث الذي سهل الجمل الحوارية على أذن الجمهور وجعل من النص حوار راقي مناسب لقصص التراث وفي نفس الوقت يجد صدى كبير لدى الأجيال الجديدة والشباب، وبالتأكيد المخرج إسلام خيري، الصبح جعل من الحلم حقيقة.