محمود كرم

مصر والقضية الفلسطينية

الإثنين، 10 مارس 2025 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عدم قبول مصر لأي مخطط يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، ليس مجرد موقف عابر، بل هو موقف رسمي وشعبي مستلهم من أعماق التاريخ، إن تاريخ مصر يمتد بعراقة وتجذر في القضايا العربية، وقد تجلى هذا العزم  في موقفها الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية الذي يمكن استعادته إلى زمن صلاح الدين الأيوبي، حيث كانت معركة تحرير القدس من الصليبيين أبرز محطات تلك الحقبة، إذ تمحورت فيها الكثير من الآمال العربية، ومنذ تلك اللحظة تأصلت في الوجدان المصري فكرة حماية القدس، كشأن يتعلق بالأمة العربية والإسلامية ككل وقد استمر هذا النهج عبر القرون.

لعبت مصر مواقف تاريخية حاسمة في الصراع العربي الإسرائيلي، بدءًا من نكبة عام 1948 وما تلاها من أحداث، في سياق هذه المأساة التاريخية، قادت الدولة العديد من الحملات العسكرية، إذ خاضت حروبًا ضد الاحتلال الصهيونى، حيث تركت آثارًا عميقة، ليس فقط على الجغرافيا والسياسة، بل أيضًا على قلوب الملايين من العرب الذين عاصروا تلك الحقبة.

برزت روح التضحية والفداء في أبهى صورها من خلال الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن الحق الفلسطيني، فكان أبناء مصر، من جنود وضباط، يتقدمون الصفوف محاربين ضد الاحتلال، مؤكدين على تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في محنته، إذ سقط آلاف الشهداء؛ ليصبحوا رموزًا من الفخر والإلهام لكل الشعوب العربية، لا تقتصر الشهادة على ما يعرف في الميدان فحسب، بل تشمل أيضًا كل نموذج من الدعم والمساندة التي قدمتها مصر، سواء من خلال الدعم الدبلوماسي، التي  اعتمدت عليه الدولة كأداة فعالة في التعامل مع القضية الفلسطينية، عبر المشاركة والدعوة لعقد المؤتمرات المؤيدة للقضية والتي كانت تهدف إلى تسليط الضوء عليها وإيجاد حلول عادلة لها، من بينها المؤتمر الإسلامي الأول بالقدس عام 1931، ومؤتمر بلودان عام 1937، والمؤتمر البرلماني للبلاد العربية والإسلامية بالقاهرة عام 1938، بإلاضافة إلى استضافة العديد من القمم العربية والمفاوضات التي تهدف إلى التوصل لحلول مرضية لهذه القضية،  هذا فضلًا عن الدعم المادي والمساعدات الإنسانية.

كانت وستظل مصر، المدافع الأول عن أبناء الشعب الفلسطيني والداعم لحقوقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، هذا الموقف الراسخ عبر عنه الرئيس السيسي، بصوت جلي وواضح، حيث آكد رفضه لأي محاولة تهجير للفلسطينيين، وأبدى معارضته لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وجسّد هذا الرفض عدة مرات في مناسبات متعاقبة، إذ شدد على أن الدولة لن تقبل بأي إجراء يمس حقوق الفلسطينيين أو يهدد وجودهم، الأمر الذي أدى إلى تغير جذري في نبرة الإدارة الأمريكية، حيث فاجأ ترامب، الجميع بتصريحاته التي أعلن فيها أن خطته بشأن غزة جيدة لكن لن يفرضها، وسيكتفي بالتوصية بها، وقد أشار باستياء إلى أنه فوجئ بعدم ترحيب مصر والأردن بالخطة، رغم المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة لهما سنوياً، هذه التصريحات تظهر، بشكل واضح أن ترامب، أدرك أن المصالح السياسية لا يمكن شراؤها بالمساعدات المالية، بل تعتمد على الاحترام المتبادل لرغبات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها، فالكرامة الوطنية والسيادة لا يمكن التنازل عنها مقابل دعم مالي.

الجهود المصرية، متواصلة ومستمرة ولا استسلام، حيث رسمت القمة العربية الطارئة، التي انعقدت في القاهرة، طريقًا جديدًا للقضية الفلسطينية، يحيي حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، في هذه القمة، تم بلورة موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية، مما يؤكد أن مصر وأشقائها العرب عازمون على اتخاذ الخطوات العملية لمجابهة محاولات التهجير وتصفية القضية.

الخلاصة إن مصر لم ولن تتخلى عن دعمها للقضية الفلسطينية، وستظل تُعتبر حجر الزاوية في الجهود الساعية لإنهاء الصراع وتحقيق العدالة، إن مصر تؤكد أن تحقيق حقوق الفلسطينيين لا يقتصر فقط على البعد السياسي، بل هو حق إنساني أساسي، فالفلسطينيون لهم الحق في تقرير مصيرهم، والعيش بكرامة في دولتهم المستقلة، لذا فإن مصر ستظل تعمل.

أما بالنسبة للشعب الفلسطيني، فإن تطلعاته نحو حقوقه الوطنية والتاريخية لا تزال قائمة، وأي محاولة لتجاوز هذه الحقوق أو التخفيف من حدتها لن تكون مقبولة. إذ يُظهر الشعب الفلسطيني، سواء داخل الوطن أو خارجه، تمسكه بحقوقه المشروعة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة