"اليوم السابع" يفتح ملف العنف بين الأطفال.. خبراء يجيبون على 5 أسئلة أبرزها هل نعلم أبناءنا العدوان دون أن نشعر؟.. وكيف نحميهم من التنمر؟.. وطريقة التوازن بين الحنان والحزم في التربية الإيجابية

السبت، 08 فبراير 2025 01:00 م
"اليوم السابع" يفتح ملف العنف بين الأطفال.. خبراء يجيبون على 5 أسئلة أبرزها هل نعلم أبناءنا العدوان دون أن نشعر؟.. وكيف نحميهم من التنمر؟.. وطريقة التوازن بين الحنان والحزم في التربية الإيجابية العنف بين الأطفال

إعداد - إيمان حكيم

أصبح العنف بين الأطفال ظاهرة مقلقة فى مجتمعاتنا اليوم، تثير التساؤلات حول جذورها وأسباب انتشارها، فلماذا يلجأ بعض الأطفال إلى الضرب والصراخ والتعدى على غيرهم بدلاً من الحوار والتفاهم؟.. هل يولد الطفل عنيفًا بطبيعته؟، أم أن البيئة والتربية تلعبان الدور الأكبر فى تشكيل سلوكياته؟ وكيف يمكن أن يكون الأهل، أحيانًا دون قصد، جزءًا من المشكلة؟ تساؤلات كثيرة دفعتنا بـ"اليوم السابع" إلى تنظيم ندوة مُتخصصة لمناقشة هذه الظاهرة، شارك فيها عدد من الخبراء فى علم النفس والعلاقات الأسرية وتعديل السلوك للإجابة على تلك الأسئلة، فتناولت الندوة الأسباب التى تؤدى إلى تنشئة طفل عدوانى، والأخطاء التربوية التى يقع فيها الأهل دون إدراك، وطرحت حلولًا عملية تساعد الأسر على تربية أطفال أكثر وعيًا وقدرة على التحكم بانفعالاتهم، بعيدًا عن ثقافة العنف، بمشاركة الدكتورعبدالعزيز آدم، الأخصائى النفسى وعضو الاتحاد العالمى للصحة النفسية، والدكتورة ريهام عبدالرحمن، الاستشارية الأسرية والباحثة فى الصحة النفسية، والدكتور شيماء عراقى استشارى العلاقات الأسرية وتعديل السلوك.

1- هل نعلم أبناءنا العدوان دون أن نشعر؟

تحدثت الاستشارى الأسرى الدكتورة ريهام عبدالرحمن عن خطورة بعض العبارات التى نرددها دون إدراك، وتأثيرها العميق على نفسية الأطفال، مثل: "اللى يضربك اضربه"، أوضحت أن مثل هذه العبارات تغرس فى الطفل ثقافة العنف كوسيلة للدفاع عن النفس، مما قد يجعله أكثر ميلاً لاستخدام العدوان فى التعامل مع المواقف المختلفة، فالطفل الذى يتعلم أن القوة والعنف هما الحل لأى خلاف، سيكبر معتقدًا أن التفاهم والحوار ضعف، وسيتعامل مع الآخرين بنفس النهج العدوانى، وأكدت أن التربية الإيجابية لا تعنى تربية طفل ضعيف أو غير قادر على الدفاع عن نفسه، بل تعنى تعليمه كيف يواجه مشكلاته بذكاء ووعى، بعيدًا عن العنف، والدفاع عن النفس مشروع، لكن لا ينبغى أن يكون باللجوء إلى رد الفعل العنيف، وإنما عبر التحدث مع المعلم أو المسؤول فى المدرسة، ثم اللجوء إلى الأهل، الذين عليهم احتواء الطفل والاستماع إليه، وإعطائه الحلول الصحيحة التى تحافظ على ثقته بنفسه وتحميه من الوقوع فى دائرة العدوان. 

فيما أوضح الدكتور عبدالعزيز آدم، الأخصائى النفسى وعضو الاتحاد العالمى للصحة النفسية، أن الطفل الذى يعتاد على استخدام العنف فى التعاملات اليومية يصبح أقل قدرة على ضبط النفس، مما يؤثر سلبًا على علاقاته الاجتماعية فى المستقبل، وأكد أن التربية السليمة تعتمد على غرس قيم الحوار والتفكير المنطقى قبل اتخاذ أى رد فعل، مشيرًا إلى أن القوة الحقيقية لا تكمن فى الرد بالمثل، بل فى القدرة على إدارة الموقف بحكمة واللجوء إلى الحلول الأكثر نضجًا.

من جانبها، قالت شيماء عراقى استشارى العلاقات الأسرية وتعديل السلوك: إن تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل يعد أمرا بالغ الأهمية لمساعدته فى مواجهة العنف والتنمر بشكل خاص، وأوضحت أن التنمر هو سلوك متكرر ومتعمد، بينما قد يكون العنف أمرًا عارضًا، كما أشارت إلى أبرز علامات تعرض الطفل للتنمر أو العنف، مثل الانسحاب الاجتماعى والانعزال فى غرفته، والتبول اللاإرادى، وفقدان الوزن بشكل ملحوظ، وأكدت أن الأم، من خلال قربها من طفلها، يمكنها أن تلاحظ أى تغيير كبير فى سلوك الطفل أو طبيعته.

2- كيف نحمى أطفالنا من التنمر؟

قالت الدكتورة ريهام عبدالرحمن الاستشارى الأسرى: إن الأسرة يجب أن تكون يقظة تجاه أى تغيرات فى سلوك الطفل، مثل العزلة، الحساسية المفرطة، أو رفض الذهاب إلى المدرسة، فعند ملاحظة هذه العلامات، يكون من الضرورى الاستماع إلى الطفل بانتباه دون إصدار أحكام أو تقليل من مشاعره. أحيانًا، يكون تعبيره عن مشكلته دليلاً على ثقته بأسرته، ولذلك يجب أن يجد دعمًا وتفهمًا بدلًا من كلمات تثبطه مثل "ليه مادافعتش عن نفسك؟" أو "لازم تكون أقوى".

فيما شدد الدكتور عبدالعزيز آدم، على أهمية تعليم الطفل كيفية الرد على المتنمرين بحزم دون انفعال، من خلال استخدام عبارات واضحة مثل "لا تتحدث معى بهذه الطريقة"، مع تدريبه على مواجهة المواقف المشابهة عبر تمثيلها فى المنزل، وأكد أن التواصل مع المدرسة ضرورى لضمان وجود بيئة آمنة للطفل، حيث يجب أن يكون هناك تنسيق بين الأهل والإدارة المدرسية لمعالجة المشكلة بأسلوب تربوى يحمى الطفل نفسيًا واجتماعيًا.

طفل عنيف
طفل عنيف

3- إخوة متحابون أم متنافسون؟ كيف نمنع العنف بينهم؟

أوضحت الدكتورة ريهام عبدالرحمن أن العلاقة بين الإخوة تتشكل بناءً على طريقة تعامل الأهل معهم، فإذا شعر الطفل بأن هناك تفرقة فى المعاملة، أو تمت مقارنته الدائمة بأشقائه، فإن ذلك يزرع فى داخله مشاعر الغيرة والتنافس السلبى، فالحل يكمن فى تعزيز التعاون بينهم بدلا من تشجيعهم على التنافس، وذلك من خلال منحهم الفرصة للمشاركة فى أنشطة جماعية وتعليمهم أهمية دعم بعضهم البعض.

فيما أكد الدكتور عبدالعزيز آدم أن القدوة الحسنة تلعب دورًا محوريًا فى الحد من المشاحنات بين الإخوة، حيث إن الأطفال يقتدون بسلوك والديهم، فإذا كانوا يشاهدون مشاجرات دائمة بين الأب والأم، فإنهم سيجدون فى العنف وسيلة لحل خلافاتهم، كما شدد على ضرورة تجنب التفرقة فى العقاب والمكافآت، فالعدل بين الأبناء يعزز شعورهم بالأمان داخل الأسرة، ويقلل من احتمالية نشوء عداوات بينهم تمتد إلى مراحل متقدمة من العمر.

طفلة عنيفة
طفلة عنيفة

4- التربية الإيجابية.. كيف نوازن بين الحنان والحزم؟

تحدثت الدكتورة ريهام عبد الرحمن عن مفهوم التربية الإيجابية، موضحة أنها لا تعنى التساهل مع الأخطاء أو التغاضى عنها، بل هى أسلوب يدمج بين الاحتواء ووضع الحدود الواضحة للسلوك. الطفل يحتاج إلى أن يشعر بالأمان والحب، لكنه فى الوقت نفسه بحاجة إلى قواعد توجه تصرفاته وتعلمه احترام الآخرين وتحمل مسؤولية أفعاله. فيما أوضح الدكتور عبدالعزيز آدم أن تحقيق هذا التوازن يتطلب من الأهل اتباع أساليب واضحة، مثل الاستماع الجيد للأطفال، وتقديم التوجيهات بأسلوب هادئ دون استخدام التهديد أو الصراخ، كما أكد أن الثناء على التصرفات الإيجابية أكثر فاعلية من العقاب المستمر، إذ إن التعزيز الإيجابى يساعد الطفل على تكرار السلوك الجيد عن قناعة، وليس خوفًا من العقاب.

5- كيف نعزز علاقة أطفالنا بأبناء العائلة رغم خلافات الكبار؟

أوضحت الدكتورة ريهام عبد الرحمن أن الأطفال يتأثرون بسلوك الكبار فى محيطهم العائلى، فإذا كان الوالدان يعبران عن مشاعر سلبية تجاه أقاربهم، فإن الأبناء سيتبنون نفس الاتجاه دون وعى، لذلك، من المهم أن يحرص الأهل على عدم إشراك الأطفال فى المشكلات العائلية، وعدم الحديث عن الخلافات أمامهم بطريقة تؤثر على علاقتهم بأبناء الخالة أو العمة. وأشار الدكتورعبدالعزيز آدم إلى أن تنظيم لقاءات عائلية منتظمة يمكن أن يساعد فى تقوية الروابط بين الأطفال، خاصة إذا تم التركيز على الأنشطة التعاونية التى تعزز الشعور بالانتماء والمرح المشترك، كما شدد على أهمية التحدث بإيجابية عن أفراد العائلة، حتى فى حالة وجود خلافات، لأن الأطفال يحتاجون إلى الشعور بأنهم جزء من كيان أكبر يوفر لهم الدعم والحب.

روشتة بعنوان "المستقبل الأفضل يبدأ من التربية الواعية"

اختتمت الندوة بالتأكيد على أن التربية ليست مجرد عملية تلقين للأوامر والتعليمات، بل هى عملية تفاعلية تتطلب وعيًا وصبرًا وممارسة يومية، فالأطفال الذين ينشؤون فى بيئة داعمة ومتوازنة، يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع تحديات الحياة بثقة واستقلالية، كما أكد الخبراء على أن التربية الواعية لا تقتصر على توفير الاحتياجات المادية، بل تشمل بناء شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه، وتعليمه مهارات الحياة الأساسية، ومن هنا، يبقى دور الأهل هو الركيزة الأساسية فى تشكيل مستقبل أبنائهم، لأنهم المدرسة الأولى التى يتعلم فيها الطفل كيف يكون فردًا إيجابيًا فى المجتمع.

النسخة الورقية
النسخة الورقية



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة