تحت عنوان "اجتماع ستارمر مع ترامب أكبر اختبار دبلوماسى لرئيس الوزراء البريطانى حتى الآن"، ألقت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على القمة المرتقبة فى البيت الأبيض الخميس بين الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، وقالت إنها تأتى فى وقت حاسم بعد الذكرى الثالثة للحرب فى أوكرانيا ووسط توترات فى الأمم المتحدة وخلال فترة مضطربة فى العلاقات عبر الأطلسى.
اعتبرت الصحيفة أن المخاطر ستكون مرتفعة فى الاجتماع يوم الخميس إذ يقول المسئولون أن ستارمر يأمل فى تخفيف التوترات، بما فى ذلك من خلال تجنب الإشارة مباشرة إلى هجوم ترامب على الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى باعتباره "دكتاتورًا" أو اتهامه بأن ستارمر وإيمانويل ماكرون، -الذى كان أيضًا فى واشنطن هذا الأسبوع-، لم يفعلا شيئًا لوقف الحرب.
وتبنى داونينج ستريت – مجلس الوزراء البريطاني- حتى الآن استجابة حذرة لسلسلة الإعلانات والتعليقات المثيرة للجدل التى خرجت من البيت الأبيض منذ بدأ ترامب ولايته الثانية. واعتبرت الجارديان أن الاستراتيجية هذا الأسبوع لن تكون مختلفة.
وقال أحد المساعدين: "لا نريد إثارة غضب ترامب، فهذا سيكون عكسيا تماما لمصالحنا ومصالح الأمن الأوكرانى والأوروبى. نحن مهتمون بما يفعله بالفعل، وليس بما يقوله. حتى الآن، نعتقد أن هناك فرقا".
لكن داونينج ستريت يعرف أن الاجتماع سيكون أكبر اختبار حتى الآن لمهارات ستارمر الدبلوماسية والتفاوضية، حيث يحاول الموازنة بين المصالح الأمنية والاقتصادية للمملكة المتحدة والحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس الذى لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. ويمكن أن يكون أيضا نقطة تحول فى الداخل.
ولطالما قال ستارمر إن العلاقات الشخصية هى نقطة انطلاقه للدبلوماسية، ويعلم فريقه أنه سيضطر إلى التخلى عن لطفه، وقال أحد المساعدين: "هل سيظل ترامب يقول إن كير "رجل لطيف" فى نهاية الأمر؟ لا نعرف ذلك، لكننا نأمل أن يحترمه".
ويعتقد المسئولون أن المفتاح إلى ذلك سيكون التأكد من أنه فى نهاية الاجتماع، يشعر ترامب وكأنه يخرج منتصراً. وأضاف أحدهم: "سواء كان الأمر يتعلق بأوكرانيا أو التجارة أو الصين، فسوف نحتاج إلى إقناعه بأن أمريكا تحصل على شيء من ذلك".
فى مؤتمر حزب العمال الاسكتلندى يوم الأحد، قال رئيس الوزراء أن "السلام لا يأتى إلا من خلال القوة" - وهو صدى للفكرة المركزية لسياسة ترامب الخارجية "أمريكا أولاً". ولكن فى مقال الأسبوع الماضى، استمر فى التحذير: "العكس صحيح أيضًا. الضعف يؤدى إلى الحرب".
وأوضح داونينج ستريت أن ستارمر سيحمل رسائل صارمة إلى اجتماعاته مع ترامب، مصرا على أن أوكرانيا يجب أن تكون "فى قلب أى مفاوضات" مع روسيا، وإلا فإن أى اتفاق سلام سوف ينهار، وأن الولايات المتحدة يجب أن تكون حذرة من الثقة فى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
وأوضحت الصحيفة أن ستارمر أغلب الظن سيقول أن هذا فى مصلحة الولايات المتحدة - حيث أن مستقبل أوكرانيا قضية حاسمة ليس فقط بالنسبة لها، بل وأيضًا بالنسبة للأمن الأوروبى الأوسع - حيث أن ترك القارة غير آمنة من شأنه أن يعزز قوة الصين ويضر بالولايات المتحدة اقتصاديًا.
وربما يدرك ستارمر أن غرور ترامب هو أحد سماته الأكثر موثوقية، وقد يزعم أن النتيجة العادلة من شأنها أيضًا أن تفيد إرث ترامب نفسه. سيحكم التاريخ على أى صفقة تشجع بوتين بأنها سيئة. ومن المرجح أن يطرح ماكرون نفس النقطة.
فى اسكتلندا، قال ستارمر لحزبه أن الولايات المتحدة كانت محقة فى القول أن حلفاء الناتو يجب أن يبذلوا المزيد من الجهد لضمان دفاعهم، بدلاً من الاعتماد على أكبر شريك لهم. وقال: "حان الوقت لتحمل المسؤولية عن أمننا".
ومن المتوقع أن يخبر ترامب بأن المملكة المتحدة سترفع الإنفاق الدفاعى إلى 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2030، بما يتماشى مع بيان حزب العمال الانتخابى. لكن المستشارين يعترفون بأن رئيس الوزراء قد يضطر إلى إظهار استعداده للذهاب إلى أبعد من ذلك، على الرغم من أنهم قللوا من توقعات الإعلان هذا الأسبوع.
سيوضح ستارمر كيف يمكن للمملكة المتحدة أن تقدم الدعم العملى للدفاع - بما فى ذلك وضع قوات على الأرض فى أوكرانيا لقوة حفظ السلام. وقد أشار بالفعل إلى أن هذا سيكون مشروطًا بـ "دعم" أمريكى للدعم الجوى واللوجستى والاتصالات.
وفى حين ستهيمن أوكرانيا حتمًا على المحادثات، سيحاول ستارمر أيضًا إقناع ترامب بتجنب استهداف المملكة المتحدة بالرسوم الجمركية، وتذكيره بأن المملكة المتحدة تدير فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة. كما أن خطط إعادة إعمار غزة مطروحة على الطاولة.