يراود حلم الربح السهل السريع الكثيرين وهو حلم مشروع لكل مواطن حتى يحاول أن يحوله من مجرد حلم إلى واقع فيصبح كابوس مخيف، هذا ما يفعله المحتال يتاجر بالحلم ويستخدمه كطعم للإيقاع بضحاياه، ويمكن أن يكون هذا بالضبط الوصف المبسط لمصطلح "مستريح إلكترونى" فالمستريح هو الشخص الذى يقدم لك أرباح ضخمة على أموالك لجمعها ثم الهرب بعد الاستيلاء عليها، وأصبح هذا المستريح على صورة منصة أو تطبيق، يمكنه الوصول إلى المواطن بضغطة من وراء الشاشات.
أثارت أزمة منصة FBC الذعر بين المواطنين بعد سرقة أموالهم متبعة استراتيجية تسمى بـ"الهرم البونزي"، التى تعتمد على جذب مستثمرين جدد لدفع أرباح المستثمرين القدامى، وذلك دون وجود استثمارات حقيقية ومن ثم الاحتيال على المستخدمين وسرقة أموالهم والانسحاب والهرب دون أن يعلم أحد طريق لهذه الأموال، وتعيد هذه الحادثة أزمات سابقة مثل "الرمال البيضاء" و"هوج بول"، التى استخدمت نفس الآلية لخداع المصريين ورغم خسارة المليارات إلا أنه مازالت مثل هذه الحوادث تتكرر.
تفاصيل أزمة منصة "FBC"
انتشرت منصة FBC كمنصة استثمارية عبر الإنترنت، تعد المستخدمين بأرباح مغرية وسريعة من خلال إنجاز مهام بسيطة على التطبيق، وقد تم إطلاق التطبيق على منصتى جوجل بلاى وآب ستور، مما ساعد على انتشاره السريع.
اعتمدت المنصة على نظام اشتراكات متنوعة، تتضمن باقات مختلفة بأسعار متفاوتة، على سبيل المثال، عرضت باقة للمشتركين المصريين مقابل 11,200 جنيه مصرى (حوالى 221 دولارًا أمريكيًا)، تعد بأرباح يومية قدرها 490 جنيهًا، ومكافأة إضافية بقيمة 5,000 جنيه، مع إمكانية إنجاز 35 مهمة يوميًا، مثل مشاهدة الفيديوهات على يوتيوب مقابل عوائد مالية.
استخدم المحتالون أساليب تسويقية مبتكرة، بما فى ذلك الاستعانة بمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعى للترويج للمنصة، مما زاد من ثقة المستخدمين وجذب المزيد من الضحايا، وبعد أن جمعت المنصة مبالغ كبيرة من المال، اختفت فجأة، مما دفع مئات الضحايا فى مختلف المحافظات المصرية إلى تقديم بلاغات رسمية يتهمون فيها إدارة المنصة بالاحتيال والاستيلاء على أموالهم، التى وصلت إلى 2 مليون جنيه، ولكن على مستوى المنصة تجاوز عدد الضحايا مليون شخص حول العالم، مع خسائر مالية تقدر بأكثر من 6 مليارات دولار.
يحدثنا الدكتور عمرو صبحى، خبير أمن المعلومات، أن الضحية يقع فى هذا الفخ لأنه لا يفكر بشكل عقلانى ومدروس، فما حدث فى هذه الواقعة هو استثمار إلكترونى ولكن غير مضمون، موضحا أن الاستثمار المضمون يشمل السندات والأسهم ومنصات العملات المشفرة الرسمية التى تعمل فى تداول عملات مثل "البيتكوين".
وتابع صبحى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، نحتاج إلى توعية للكشف عن ماهية المنصة التى تعرض الاستثمار الإلكترونى قبل المشاركة فيه، فيجب أن يتوجه المواطن إلى المنصات التى تكون من جانب الحكومة أو البنك المركزى أو مؤسسة لها أصل قانونى، مؤكدا أنه يجب الابتعاد عن أى منصة خارج حدود البلد لأنها قد تكون غير معتمدة من الجهات التى تدعى أنها تابعة لها.
وأشار خبير أمن المعلومات، إلى الاستثمارات البديلة والآمنة مثل الذهب، مشددا أن من وقع ضحية فى النصب والاحتيال من جانب منصة FBC، يجب أن يقدم سريعا بلاغ رسمى يرفق به كل المستندات، والتى تشمل على سجل المحادثات وبيانات المحفظة الالكترونية والتحويلات التى تمت.
5 مليارات جنيه خسارة سابقة.. تطبيق احتيالى وقع المصريين ضحيته فى 2022
لم تكن أزمة FBC هى الوحيدة، بل أن المصريين تعرضوا لواقعة احتيال كبرى فى 2022 من خلال تطبيق "الرمال البيضاء"، حيث أن التطبيق أطلق فى ديسمبر 2021 وهو تجريبى ورغم ذلك 6 ملايين مصرى اشتركوا فيه، واستغله الخارجون عن القانون فى النصب على المواطنين، فما أن استولوا على أموال المواطنين، عن طريق انشاء حوافظ الكترونية لتحويل الأموال عليها فروا هاربين وأغلقوا التطبيق.
وهذا التطبيق تم الترويج له لربح المال بسهولة عبر الإنترنت، عن طريق تنفيذ بعض المهام البسيطة مثل: مشاهدة الفيديو أو الاشتراك فى القنوات أو الإعجاب بالمنشورات أو متابعة الأشخاص والصفحات عبر موقعى يوتيوب وفيسبوك.
وأتاح هذا التطبيق 7 باقات سنوية تصل قيمتها إلى 30 ألف جنيه مصرى، يمنح المستوى الأخير المستخدم 165 مهمة يوميا تحقق للمستخدم أرباح سنوية تزيد عن 95 ألف جنيه مصرى، وتتراوح قيمة الأموال التى جمعها مديرى التطبيق من اشتراكات المستخدمين ما بين 3 و5 مليارات جنيه، ليستيقظ المواطنون على غلق التطبيق فجأة والاستيلاء على أموالهم.
ملايين من أموال المصريين تذهب لمنصة هوج بول الاحتيالية
تعد الأزمة الأحدث من الرمال البيضاء هى قضية شركة هوج بول Hoggpool" للاستثمار فى 2023 التى احتالت على عدد كبير من المصريين من خلال الاستيلاء على أموالهم، حيث وصلعدد المشتركين المصريين فى تلك المنصة الذين اشتروا آلات من التطبيق إلى 600 ألف مشترك، فيما بلغت الأرباح اليومية، التى حصل عليها جميع المشتركين مبلغا ضخما، بلغ 600 مليون دولار.
وتتدعى الشركة تأجير عددا من الآلات الخاصة بتعدين عملة اليتكوين، وفى مقابل الاستثمار فيها، تقدم المنصة عدد من الخيارات للأرباح، من مبلغ 10 دولارات إلى 50 دولارا، مع فوائد ربحية تبدأ من 250 جنيها مصريا فى اليوم وحتى 300 جنيه.
كما أن هناك عرض مكسب يومى قيمته أربعة دولارات مقابل إيداع مبلغ ألف جنيه مما أدى إلى وقوع المئات من المصريين ضحايا خاصة مع عمل القائمين على التطبيق على التسويق من خلال إقامة حفلات عشاء لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين.
منصة احتيالية شبيهة سرقت ملايين الدنانير فى الأردن
لم تكن هذه الحوادث قاصرة على المواطنين المصريين، فقد اتبعت منصة "PHD"، استراتيجية مشابهة تماما، واستهدفت مواطنين من الأردن، احتالت عليهم بملايين الدنانير، وأغلقت بشكل مفاجئ فى أكتوبر من العام الماضى، تلك المنصة كانت تشترط بأن يتم إيداع حد أدنى من الأموال نظير تلقى تلك الأرباح الثابتة والانتظار لمدد يتم الاتفاق عليها مسبقا، على أن تمنح كل عميل لديها العديد من الحوافز المالية لقاء كل عميل جديد يقوم بالتسجيل عبر كود إحالة عن طريقه.
ومنحت أرباحا كثيرة فى البداية مما شجعهم على استثمار المزيد من الأموال فيها، غير أنها علقت لاحقا عمليات السحب قبل أن تختفى وسط مصير مجهول للمبالغ المالية التى استثمروها فى تلك المنصة.