رضا فرحات

مصر وإعادة إعمار غزة.. من الإغاثة إلى البناء والتنمية

السبت، 22 فبراير 2025 01:58 م


شهدت القضية الفلسطينية عبر تاريخها الطويل محطات صعبة، لكن ما يجري اليوم في غزة يمثل تحديا غير مسبوق، سواء على المستوى الإنساني أو السياسي، ومع استمرار العدوان الإسرائيلي وتزايد الممارسات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، يبرز الحديث عن إعادة الإعمار بعد الدمار الكبير الذي خلفته الاعتداءات الأخيرة، جنبا إلى جنب مع محاولات بعض القوى لفرض حلول غير عادلة، من بينها مشاريع التهجير القسري التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية وهنا يأتي الدور المصري الراسخ في دعم الحقوق الفلسطينية، ورفض كل المخططات التي تمس ثوابت القضية.

إن الدولة المصرية كانت في مقدمة الدول التي قدمت الدعم للشعب الفلسطيني، ليس فقط من خلال المواقف السياسية الثابتة، ولكن أيضا عبر التحركات الدبلوماسية والجهود الإنسانية على أرض الواقع وبعد التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة سارعت القاهرة إلى تقديم المساعدات الإنسانية، وفتح معبر رفح لإدخال الإغاثة، وإرسال فرق هندسية للمساعدة في إعادة الإعمار وفي هذا السياق، تعتبر خطة إعادة إعمار غزة التي تقودها مصر نموذجا للدور الفاعل الذي تقوم به القاهرة في التخفيف من معاناة الفلسطينيين، ودعم صمودهم على أرضهم وخلال السنوات الماضية، أطلقت مصر العديد من المشروعات التنموية في القطاع، تضمنت بناء مدن سكنية، وإصلاح البنية التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وكل ذلك يأتي في إطار استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية لسكان غزة، وتعزيز قدرتهم على مواجهة الضغوط الإسرائيلية.

وفي ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل، تبرز محاولات إعادة إحياء سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين، سواء بنقلهم إلى مناطق أخرى داخل القطاع، أو الدفع بهم إلى خارج حدود فلسطين، كما حدث في نكبة 1948 ونكسة 1967 ومثل هذه المخططات تمثل تهديدا مباشرا للقضية الفلسطينية، إذ تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها، وفرض وقائع جديدة تجهض أي أفق للحل العادل وكان الموقف المصري واضحا وحاسما منذ اللحظة الأولى، إذ رفضت القاهرة بشكل قاطع أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وأكدت على أن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال، وليس في البحث عن حلول ترقيعية على حساب الشعب الفلسطيني كما تحركت مصر دبلوماسيا، بالتنسيق مع الدول العربية والأطراف الدولية، لمنع تنفيذ أي مخطط يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري.

لا يمكن الحديث عن الموقف المصري دون التأكيد على أن القضية الفلسطينية تمثل أولوية قصوى للقيادة المصرية، ليس فقط من منطلق التضامن مع الشعب الفلسطيني، ولكن أيضا باعتبارها قضية أمن قومي عربي وإقليمي واستمرار الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكاته المتكررة، يمثل مصدر تهديد دائم لاستقرار المنطقة، وهو ما تدركه القاهرة جيدا، وتعمل الدولة المصرية على مسارين متوازيين من أجل تحقيق السلام في المنطقة من خلال تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب الفلسطيني، و التحرك السياسي والدبلوماسي لوقف العدوان، وإعادة إحياء مسار السلام على أسس تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية كما تؤكد مصر في كل المحافل الدولية على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، واحترام حقوق الفلسطينيين، وإلزام الاحتلال بالقوانين الدولية التي تجرم استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية وفرض الحصار على قطاع غزة.


إن إعادة إعمار غزة ليست مجرد عملية بناء حجارة، بل هي رسالة دعم وصمود للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال، المباني يمكن إعادة بنائها، لكن الأهم هو بناء إرادة قوية تعزز صمود الفلسطينيين على أرضهم، وتمنع تنفيذ أي مخططات تستهدف وجودهم ولذلك فإن الجهود المصرية في إعادة الإعمار ليست مجرد مبادرات إنسانية، بل تأتي ضمن استراتيجية أشمل لدعم القضية الفلسطينية، وضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم، وإفشال أي محاولات لفرض حلول ظالمة تتجاهل حقوقهم المشروعة.

في الختام ، إن دعم القضية الفلسطينية، ورفض التهجير القسري، والعمل على إعادة إعمار غزة، ليست مجرد سياسات مرحلية، بل هي ثوابت في الموقف المصري الذي يضع فلسطين في قلب الأولويات الوطنية والإقليمية وستظل مصر، كما كانت دائما، السند الحقيقي للشعب الفلسطيني، والمدافع الأول عن حقوقه، حتى ينال استقلاله الكامل، وتقام دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة