قبل أيام قليلة من الذكرى الثالثة لاندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب موقف الولايات المتحدة من الصراع روسيا وأوكرانيا، بما يمكن أن يغير اتجاهه فى الأشهر إن لم يكن الأسابيع القادمة.
حيث وكالة أسوشيتدبرس إنه مع اقتراب إتمام الحرب بين روسيا وأوكرانيا لعامها الثالث، فإن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يبدو أقرب من أى وقت مضى لتعزيز مكاسب موسكو بالسيطرة على نحو خُمس أراضى أوكرانيا وإبقائها خارج حلف الناتو.
وأشارت الوكالة إلى أن الحرب التى وصفها بوتين عند بدايتها فى 22 فبراير 2022 بأنها عملية عسكرية خاصة قد تحولت إلى الصراع الأكبر فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وقٌتل عشرات الآلاف من الجنود، وتدمرت مدن بالكامل وملايين من الاوكرانيين أصبحوا لاجئين، وأصبحت روسيا معزولة عن الغرب.
لكن الرئيس ترامب عكس وبقوة السياسة الأمريكية التى استمرت ثلاث سنوات لعزل روسيا بإجراء مكالمة هاتفية مع بوتين، وقوله بعدها إنهما اتفقا على العمل معا عن قرب لإنهاء الحرب. وقال إن رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي سيكون مشاركا فى المفاوضات لكن دون أن يوضح.
وأعرب ترامب أيضا عن تفهمه لطلب بوتين الأساسى بشأن فرص انضمام أوكرانيا للناتو التى سبق ووصفتها الولايات المتحدة وأعضاء الحلف أنها لا رجعة فيها. وقال ترامب عن روسيا إنه لا يعارض ما يريده الروس بشأن عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلنطى.
وتابعت الوكالة قائلة إن مكالمة بوتين وترامب وما تلتها من المحادثات الأمريكية الروسية فى السعودية قد حطمت سياسة إدارة بايدن السابقة التى كان شعارها "لا شىء يتعلق بأوكرانيا بدونها"، وألقى ترامب باللوم على كييف لفشلها فى التوصل إلى اتفاق مع موسكو كان من الممكن أن يمنع الحرب، وأشاد بالقوة العسكرية الروسية، بل إنه قال إن أوكرانيا قد تصبح روسية يوما ما.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز على موقف ترامب من أوكرانيا ورئيسها فولوديمر زيلينسكى ووصفه بالديكتاتور، وقالت إنه "إعادة كتابة للتاريخ".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد ثلاث سنوات من وصف الولايات المتحدة لزيلينسكى ببطل المقاومة مع بداية الحرب بين بلاده روسيا، يعيد الرئيس ترامب كتابة تاريخ "العزو الروسى لجارتها الأصغر. فأوكرانيا، وفقا لترامبن ليست الضحية ولكن شريرة. وأن زيلينسكى ليس بونيستون تشرشل، ولكن ديكتاتور بدون تاريخ والذى بدأ الحرب بنفسه، ودفع أمريكا للمساعدة.
وذكرت الصحيفة أن المراجعة التى قدمها ترامب تمهد الطريق لتحول جيوسياسى لم يسبق له مثيل منذ أجيال مع شروع الرئيس فى مفاوضات مع روسيا تخشى أوكرانيا أن تكون على حسابها. ومن خلال تشويه سمعة زيلينسكى وتحويل اللوم عن موسكو إلى كييف ، يبدو أن ترامب يضع الأساس لسحب الدعن عن حليف يتعرض لهجوم.
وتقول نيويورك تايمز إن التراشق بالكلمات بين ترامب وزيلينسكى هذا الأسبوع أشار إلى مدى تغير الكثير مع تنصيب رئيس جديد فى واشنطن. فختى بالنسبة لترامب الذى لم يكن أبدا معجبا باوكرانيا وطالما أعرب عن إعجابه بالرئيس بوتين، فإن "السموم" التى تم التعبير عنها تجاه زيلينسكى أثارت الدهشة على جانبى الأطلنطى.
فبعد يوم من قوله إن أوكرانيا هى التى بدا الحرب، ضاعف ترامب من هجومه اللافت ضد "زعيم حليف" وكتب على وسائل التواصل يقول: " فكر فى الأمر، ممثل متواضع بشكل ناجح، فولوديمير زيلينسكى تحدث مع الولايات المتحدة لإنفاق 350 مليار دولار للذهاب إلى حرب لا يمكن الفوز بها.
من جانبها، قالت صحيفة واشنطن بوست إن هجوم دونالد ترامب على نظيره الأوكرانى يثير مخاوف بشأن حدوث تحول أمريكى كبير بشأن روسيا. وفى حين كان الرئيس متعاطفا مع فولوديمير بوتين فى فترته الأولى، فإنه يقلب الآن على ما يبدو عقودا من الحذر صوب الكرملين.
وأشارت الصحيفة إلى التراشق بالهجمات بين ترامب وزيلينسكى، واتهم الثانى الأول بالكذب بشأنه وبشأن الحرب مع روسيا، فيما وصف الرئيس الأمريكى نظيره الأوكرانى بالديكتاتور، زاعما أنه قد بدأ الحرب واتهمه بجر الولايات المتحدة للدفع مقابل الحرب.
وفى ظل هذه الحرب الكلامية، تزايد القلق فى الولايات المتحدة وأوروبا من أن ما بدا كتحرك مذهل بعيدا عن عقود من السياسة الأمريكية تجاه روسيا، وثلاث سنوات من الدعم القوى لأوكرانيا، قد يؤدى إلى إعادة تنظيم جيوسياسى هو الأكثر أهمية منذ الحرب العالمية الثانية. وفى حين كان ترامب متعاطفا مع بوتين فى ولايته الأولى، فإنه يقلب على ما يبدو أجيالا من الحذر الأمريكى تجاه الكرملين الذى امتد على مدار الإدارات الجمهورية والديمقراطية.