القاهرة مدريد نموذج جديد للشراكات المصرية مع أوروبا.. مصر استحدثت منهج الشراكة كبديل للتحالفات النمطية.. التوافق حول فلسطين نقطة انطلاق لتعزيز العلاقات.. ومواقف إسبانيا تجاه القضية يضفي مزيدا من الزخم للعلاقة

الأربعاء، 19 فبراير 2025 01:00 م
القاهرة مدريد نموذج جديد للشراكات المصرية مع أوروبا.. مصر استحدثت منهج الشراكة كبديل للتحالفات النمطية.. التوافق حول فلسطين نقطة انطلاق لتعزيز العلاقات.. ومواقف إسبانيا تجاه القضية يضفي مزيدا من الزخم للعلاقة الرئيس السيسى والملك فيليب
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إسبانيا تحمل العديد من الدلالات، في ضوء العديد من الأزمات التي تحل بالعالم في الفترة الراهنة، والتي لم تعد قاصرة على مجرد منطقة بعينها، وإنما باتت تتسم بتمددها وامتدادها، سواء على النطاق الزمني أو الجغرافي، وهي الأزمات التي تتراوح بين الأوضاع في فلسطين، والحديث المتواتر في قطاع غزة، بالإضافة إلى الأوضاع في أوكرانيا وما سوف تؤول إليه الأيام المقبلة، ناهيك عن حالة المخاض التي تشهدها التحالفات بصورتها التقليدية، جراء محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغيير قواعد اللعبة، عبر تقليل الاعتماد على واشنطن من قبل حلفائها.

ولعل الدولة المصرية نجحت في قراءة المشهد الدولي باقتدار فيما يتعلق بالصدع الذي أصاب بنية التحالفات الدولية في صورتها التقليدية خلال السنوات الماضية، فاستبقت التغييرات الجذرية التي شهدتها السياسات الدولية في هذا الاطار، ببناء الشراكات، والتي تمثل بديلا نموذجيا للتحالف النمطي، من خلال تعزيز العلاقات مع كافة اطراف المعادلة الدولية على أساس المصالح المشتركة، وليس على أساس الصيغة القديمة، والتي دارت حول الحصول على المزايا مقابل التبعية المطلقة، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في إثراء دور القاهرة، سواء في نطاق مناطقها الجغرافية، أو في إطار دولي اكثر اتساعا.

الشراكات المصرية مع دول العالم بدت ممتدة جغرافيا، فكانت للقارة الأوروبية قسطا كبيرا منها، سواء على المستوى الفردي في اطار الدول، على غرار الشراكة مع اليونان وقبرص، والتي ولد من رحمها منتدى غاز شرق المتوسط، أو الجمعي، في إطار العلاقة مع الاتحاد الأوروبي والتي وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

بينما تحمل إسبانيا وضعاً خاصاً في الوقت الراهن تحديدا في ضوء موقف مدريد الرافض لمسألة التهجير، وهو الأمر الذي لا يقتصر على مجرد التصريحات، وإنما امتد إلى نطاق أكثر عملية، عبر قرار تاريخي من قبل حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، خلال الأشهر الماضية، وهو ما يمثل صفعة قوية للاحتلال الإسرائيلى، خاصة وأن إسبانيا تعد إحدى الدول المحسوبة على المعسكر الغربى المحسوب على الدولة العبرية، وهو ما أضفى الكثير من الزخم إلى الخطوة، والتى اتخذتها دولا أخرى، من بينها النرويج وسلوفينيا وغيرهم، مما أثار امتعاض تل أبيب.

والمفارقة الجديرة بالملاحظة في هذا الصدد، هي أن رئيس الوزراء الإسبانى استبق قرارا بالإعلان عن نواياه بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باتخاذ الخطوة التاريخية، من قلب مصر، وتحديدا على أرض سيناء، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره البلجيكى ألكسندر دى كرو، خلال زيارتهما إلى معبر رفح البرى للاطلاع على سير المساعدات الإنسانية، وللتحقق من حجم التعنت الإسرائيلى فى توصيلها إلى سكان القطاع، فى إطار حالة من الحصار، الذى طال سكان غزة، تراوح بين الاعتداءات الوحشية، التى قتلت الآلاف مهم، وشردت الملايين، من جانب، والتجويع المتعمد، عبر حرمانهم من أهم أساسيات الحياة، خلال فترة العدوان، من جانب آخر، وهو ما يعكس إدراك الحكومة الإسبانية بأهمية الدور المصرى ومحوريته فى دعم القضية، ناهيك عن كونه انعكاسا لرغبة ملحة فى العمل معا لتحقيق السلام فى المنطقة.

ويعد اختيار إسبانيا، لتكون محلا لزيارة الرئيس السيسى، فى التوقيت الراهن، انعكاسا للدبلوماسية المصرية، والقائمة فى الأساس على خلق التوافقات الدولية، حول ثوابت القضية الفلسطينية، فى إطار الشرعية الدولية، والتى تتمركز حول حل الدولتين، وفى القلب منه إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وما يترتب على ذلك من نتائج تبدو ضرورية، وعلى رأسها رفض مخطط التهجير، الذى يهدف بالأساس إلى تصفية القضية.

ويعد العمل المشترك بين القاهرة ومدريد، فى إطار القضية الفلسطينية، بابا مهما لتوسيع دائرة التعاون، فى إطار شراكات، أجادت مصر صناعتها فى السنوات الأخيرة، سواء على مستوى مناطقها الجغرافية أو على نطاق دولى أوسع، ليتجاوز القضية الإقليمية، نحو التعاون الثنائى، فى العديد من المجالات الأخرى، في ضوء التحركات المصرية، والتى باتت تنأى بنفسها على التحالفات التقليدية، نحو نهج يعتمد الشراكات الاستراتيجية، التى من شأنها تنحية الخلافات، نحو تعزيز العلاقات، لتحقيق المصالح المشتركة







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة