منذ اللحظة لانطلاق دورته الثانية عشرة، قدم مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون تجربة استثنائية تحتفي بالتنوع الثقافي والتراثي من مختلف أنحاء العالم، حيث تحولت مدينة أسوان إلى منصة مفتوحة لعروض الفنون الشعبية التي تجسد تراث الشعوب وهويتها الفريدة.
أحد أكثر المشاهد المميزة في المهرجان كان العروض الفلكلورية التي قُدمت على أسطح المراكب النيلية المزينة بأعلام الدول المشاركة في انطلاق الفعاليات في مظهر معتاد من قلب نهر النيل العظيم الخالد، في مشهد مبهر تمتزج فيه الفن بالمياه الصافية لنهر النيل.
وسط أجواء احتفالية، صدحت فيه الموسيقى التراثية من مختلف البلدان، واندمجت الحركات الإيقاعية للراقصين مع أمواج النهر، مما خلق حالة من السحر البصري والموسيقي ألهبت حماس الجمهور الحاضر، الذي تفاعل بتصفيق وهتافات عبرت عن الإعجاب والانبهار.
تنوعت الفعاليات بين عروض موسيقية واستعراضات راقصة قدمتها الفرق الأجنبية بلمساتها التقليدية، حيث أبهرت الفرق الهندية الجمهور بأزيائها الفاخرة من الساري المزخرف، بينما أضفت الفرقة الصينية لمسة تراثية خاصة بأزيائها المستوحاة من الهانفو التقليدي. أما الفرق الأوروبية، فقدمت لوحات فنية ساحرة بأزياء مثل التنانير الصربية المطرزة والتصاميم المستوحاة من التراث اليوناني، مما منح المهرجان طابعًا عالميًا فريدًا.
على الجانب المصري، أبدعت الفرق المحلية في تقديم عروض مستوحاة من التراث المصري العريق، حيث تألقت الفرق النوبية برقصاتها المميزة التي تعكس روح الجنوب، بينما خطفت رقصة التحطيب أنظار الجمهور بإيقاعها القوي المستمد من الفلكلور الصعيدي. ولم تغب الأجواء البدوية عن المشهد، إذ قدمت الفرق البدوية عروضًا بأزياء زاهية الألوان تجسد روح الصحراء المصرية، في مشهد احتفالي جسّد تنوع الفنون التراثية داخل مصر نفسها.
باختصار لم يكن مهرجان أسوان مجرد عروض فنية، بل كان منصة استثنائية انصهرت فيه الثقافات المختلفة، وهو ظهر جاليا في حفل الافتتاح، حيث قدم المشاركون من مختلف الدول عرضًا جماعيًا خلال حفل الافتتاح، الذي أخرجه بعبقرية شديدة المخرج القدير هشام عطوة رئيس البيت الفني للمسرح، وشكلوا فيه لوحة فنية رائعة عكست مفهوم الوحدة من خلال الفنون. جسدت هذه العروض رسالة واضحة مفادها أن الفن قادر على تجاوز الحدود والاختلافات، وأنه الجسر الحقيقي الذي يجمع الشعوب مهما اختلفت لغاتهم، دياناتهم، تقاليدهم، وتراثهم.
في النهاية، أثبت مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون أنه أكثر من مجرد حدث فني، بل هو احتفاء عالمي بروح الإبداع والتعايش الثقافي، حيث تلاقت الفنون وتداخلت الألوان والإيقاعات في مشهد فني استثنائي، أكد أن الثقافة والفنون هما القاسم المشترك الذي يجمع الإنسانية في تناغم رائع.

مهرجان أسوان الدولي

جانب من العروض الفنية

مهرجان أسوان