أظن أن بدايات أحمد زكى فى العمل منطلقاً من قصر ثقافة الزقازيق لم تكن تجلب له السعادة وإن دفعته إلى التحدى والعناد.. كان يؤمن بموهبته لذلك كان شديد الحنق (لدرجة المرارة) من تصرفات الآخرين من (النجوم) وحتى من بعض زملائه.. قصص كثيرة سمعتها من مقربين عن كيفية معاملة زملائه له في (مدرسة المشاغبين) التي كانت أول دور كبير على المسرح التجاري بعد (هالو شلبي) التي أدى فيها مشهداً هزلياً مقحما على العمل وإن نال به تصفيقا حادا من جمهور لم يأت من أجله.. وحكى لي الصديق (رمزي العدل) أنه كان مرشحاً لدور وكيل النيابة في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة) وأنهم عرضوا عليه مبلغ 80 جنيها أجراً فرفض لأنه لم ينس بعد مرارة (مدرسة المشاغبين) حين كانوا يفتحون (شنطة) الفلوس العامرة ليقترض منها أحمد عشرة جنيهات فعرضوا الدور على هادى الجيار ثم رمزى العدل نفسه الذى لعبه فترة قبل سفره إلى الخارج إلى أن استقر الدور قبل التصوير عند (سعيد طرابيك).
وأظن أن بعض التعاطف جاء من ناحية (سعيد صالح) وليس عادل إمام الذي انتهى إلى الأبد أي تعاون بينهما – فأسند إليه دور كبير في (العيال كبرت) استعاد به جزءاً من (كرامته) وأبرز فيها موهبة متنوعة بين الكوميديا (الخاصة به) وبين الأداء البسيط المدرك لطبيعة الشخصية.
وانغمس أحمد زكي في علاقات صداقة مع شباب السينمائيين حيث كانت مقاهي وسط البلد هي متنفسهم الوحيد فتعرف على خيري بشارة ومحمد خان وعلى بدرخان وعلى عبد الخالق.. وكان أن اختاره على بدرخان لبطولة فيلم (الكرنك) أمام سعاد حسني التي كانت زوجة على في هذا الوقت.
كان اسم (ممدوح الليثي) على السيناريو الذي طوره على بدرخان كفيلا بنقلة نوعيه في مسيرة زكي الطموحة ولكن الموزع اللبناني (محمد على الصباح) كان له رأي آخر: من هذا الشاب الأسمر الذي تقع سعاد حسني في غرامة؟! لن أوزع الفيلم إلا إذا تم استبداله بمحمود ياسين أو حسين فهمي أو نور الشريف.
وخضع الليثي لأوامر الصباح وأخبر أحمد زكي بأنه لن يؤدي الدور (وإن شاء الله فرصة ثانية).. وتتناثر الأخبار – غير المؤكدة – عن محاولة زكي الانتحار بقطع شرايين يده ووقوعه في اكتئاب مزمن (أعتقد أنه لازمه حتى نهاية حياته) واتجه إلى المهدئات التي أدمنها لفترة طويلة وأفرط في تدخين كل أنواع المكيفات.. حتى جاءته فرصة ذهبية استطاع بها أن يثبت موهبته الناصعة كالشمس المشرقة بأداء مذهل لدور (طه حسين) في مسلسل (الأيام) الذي أخرجه يحيي العلمي ثم رد إليه علي بدرخان بعضا من (كرامته) بإسناد دور (متولي) في فيلم (شفيقة ومتولي) وإن أصبح دوراً هامشياً بحكم تركيز صناع العمل على دور شفيقة الذي لعبته سعاد حسني باقتدار، وكان الفيلم الذي استقر في النهاية عند يوسف شاهين منتجا بعد خلاف مؤسف بين سعاد والمخرج سيد عيسي أدى إلى توقف تصوير الفيلم الذي كان المخرج قد بنى له موقعا مميزا للتصوير في قريته بمحافظة الدقهلية.
وأسند شاهين الفيلم إلى على بدرخان الذي كتب السيناريو مع الكبير صلاح جاهين (واعتقد إن تلك كانت بداية العلاقة الخاصة جداً والأبوية بين أحمد زكي وصلاح جاهين.. التي تطورت لدرجة تدخل صلاح كثيرا في تحسين علاقة زكي بالسيدة الوحيدة التي تزوجها وهي هالة فؤاد إبنه المخرج أحمد فؤاد وحكى لى أحمد أن صلاح كان بمثابة الأب الذي يأخذ بيد (الطفل) أحمد زكي ويدفعه دفعاً لما فيه الخير والتفرغ لموهبته ولكن مشاكل زكي النفسية المركبة ورفضه القاطع لاستمرار زوجته في التمثيل وغضبه من (حماة) أحمد فؤاد الذي لا يرى سببا لتوقف ابنته عن التمثيل وقد أوشكت ان تصبح نجمة.. كل هذا عجل بالطلاق والذي فاقم من مشاكل أحمد وتوتراته بعد أن رزق (بهيثم) أبنه الوحيد.
بالطبع لم يكن أحمد يملك وقتا يعطيه لطفله فتركه لأسرة زوجته ولم تنقطع الصراعات بينهم على أسلوب (تربية) الطفل الذي نشأ ضائعاً وخاصة بعد الوفاه المفاجئة لوالدته وكأن احمد زكي كانت تنقصه المآسي فلم يجد إلامزيد من المهدئات يهرب بها من واقع شخصي شديد القسوة ومن إحساس ممض بالوحدة القاتلة وخاصة بعد أن ترك شقته بعد الزلزال الشهير وأقام في شقة أمام قاعة التعازي بالزمالك سرعان ما تشاءم منها حتى انتهى به المقام ضيفاً دائما في فندق بميدان التحرير كان يستدين ليسدد مستحقاته الباهظة.