أقام صالون قبس الثقافي، برئاسة اللشاعر محمود جمعة، أمسية شعرية نوعية تحت عنوان "تنويعات عربية" جمعت مجموعة من الشعراء المصريين والعرب، وهم: أحمد بخيت وعبد القادر الحصني والدكتورة حنين عمر وضياء الكيلاني وزين العابدين الضبيبي.
وحول هذه الأمسية قالت الدكتورة حنين عمر، لـ "اليوم السابع"، "تأتي هذه الأمسية كتكملة للجهود التي يقوم بها صالون قبس للشاعر محمود جمعة، من أجل فتح أفق للتواصل بين الشعراء العرب والمصريين من جهة، والجمهور المصري من جهة أخرى، وقد جاء كتكملة لسلسة تنويعات عربية التي يقدمها الصالون، والتي تستضيف في كل مرة أسماء شعرية لامعة وتتيح لها فرصة التواصل والتعارف والتفاعل، وتحاول خلق حركية ثقافية ضمن البناء الثقافي المصري والعربي، وأعتقد أن مثل هذه الفعاليات، تبرز دور المثقف والمبدع المصري في أن يقدم صورة مشرقة لبلاده كما يفعل الشاعر محمود جمعة، وأن يؤكد دورها الريادي، فمصر كانت دائما نقطة تجمع الثقافات العربية، وكانت دائما رائدة في دعم الإبداع منذ عهد قدماء المصريين وحتى يومنا هذا، وأنا سعيدة لأني أقف هنا اليوم مع مجموعة من أجمل الشعراء المبدعين، فهي بلا شك أمسية نوعية واستثنائية، لأن كل من فيها تجارب ذات قيمة إبداعية حقيقية".
وقرأت الدكتورة حنين عمر مجموعة من قصائد ديوانها الأخير، حيث بدأت بمطلع قصيدة تتحدث فيها عن علاقتها بالشعر، تقول:
هل ترى شمسا بصدري ؟
إنه المدعو : قلبي .
شق ضلعا وتراءى في مساء الحزنِ فينا
مثل قنديل نحاسي مضيءٍ خاض بحر الظلماتِ
هل ترى ماء بنهري ؟
إنه المدعو : شِعري
شقّ نبعا في صخور المفرداتِ
وتهادى ...يقطع الأزمان في عمر اللغاتِ
ثم قرأت قصيدة فلسفية، تستعرض رحلة حياة الإنسان الوجودية منذ ميلاده وحتى موته، وجاء فيها:
من ها هنا ؟
- إنّي: (أنا)
- سيري إذن ...ظهر الطريقْ.
ومشيتُ ظلا بين شطآن الرمادِ وبين أمواج الحريق
خطوي يبالغُ في احتمال الشّوكِ والجرحِ العميق
- ها ...هل تعبتِ؟
وكان لي...
رأس عنيدٌ مثل تاريخ البحار وكالمنارات التي لا تنحني...
لكنما قلبي غريقْ!
كما قرأت قصيدة عمودية، بعنوان " ياقلبها"، تخاطب فيها القلب المتعب من معارك الحياة والناس، و
ياقلبها ...
يا سيد النبض الحزين.... سيكثر الأعداءُ حولكْ
لن يفقهوا مهما حللت تعقد الأشياء ..قـولكْ
فافتح شبابيك الغياب ...ليغلق التاريخ وصـلك
واجعل "وُجودك مفردا " / في "غصّة المَنفِيِّ"...أهلكْ
وفي الجزء الثاني من الأمسية، قرأت أيضا مجموعة من القصائد التي دارت أغلب مواضيعها بين البحث عن مفاهيم الوجود، وآلام الغربة والمنافي، منها قصيدة بعنوان "السؤال الأخير" التي تشبه قصة قصيرة، تدور أحداثها في المطار، وقصيدة أخرى عنوانها "نرد بسبعة وجوده" تتحدث عن السفر والبحث عن الذات، ومما جاء فيها:
أنا البحرُ...
ملحٌ كثيرٌ / وريحٌ تحاول أن تتشبثَ بالموجِ
والموجُ يلعبُ بين الصخور التي استرسلتْ في الخيالِ.
أنا النهرُ... مــُنبثقًا من بياضِ الغريبِ
يصبُّ بمنفى لهُ وطنٌ في الرّمالِ.
أنا الماءُ... أَشْربُ مِني ولا ارتوي أبدًا
من حنينِ الغيابِ
ومن عطشِ التائهينَ الذينَ
استقروا بجوفِ صحارى من الحزنِ
يمتدُ كونًا مداها...
واختتمت القراءات بقصيدة غزلية، جاء في مطلعها:
وتجلَّى...مِلءَ عينيكَ وجودي
أيُّها المخلوق من نورٍ شديدِ
أيها المغموس في ماء الموسيقى
أيها المغسول بالبحرِ البعيدِ!
خلق الله رجال الأرض "طينا"
إنما أنتَ... فمن "مِسكٍ" و"عُودِ"
يذكر أن الدكتورة حنين عمر، شاعرة وروائية وباحثة في مجال النقد والترجمة والفنون، وكانت ضمن قائمة النساء الأكثر تأثيرا في العالم العربي، وذلك في استفتاء مجلة سيدتي، عن جهودها في حوار الحضارات وخدمة اللغة العربية، إضافة إلى كونها سيناريست وكاتبة أغاني، ولقد تعاونت مع فنانين عرب وعالميين، منهم الفنان كاظم الساهر وستيفي وندر، كما تشتغل حاليا على مشروع الترجمات الأمينة "مموريام" الذي يهدف إلى تصحيح مسار الترجمة العربية في العالم العربي والذي اختارت إطلاقه من مصر تأكيدًا على دورها كمركز حضاري عالمي للإبداع، وكبلد تنطلق منها أهم المبادرات الثقافية العربية.