كل فترة تستدعى بعض المواقع والصفحات تريندات التفاهة، التى يتم إنتاجها ببساطة فى المنزل ومن دون أى جهد، فقط احضر قردا وضع أمامه كاميرا، واطرح عليه أسئلة تافهة تستفزه وتحفز غدة التفاهة لديه، فيطلق فمه بكل حمم الشتائم والألفاظ القصوى. هذا ما يحدث كل فترة عندما يشعر صناع النميمة بفراغات، فيتم استدعاء «الكاراكتر» الذى يطلق الكثير من الألفاظ والزعيق ويخلط الجد بالهزل، والخوض فى الأعراض، لا يختلف كثيرا عن فتيات وسيدات الردح فى «تيك توك».
آخر نماذج هذا التريندات «الهبل على الشيطنة» سيدة يفترض أنها والدة المذيعة القتيلة، الأم حولت ابنتها إلى لبانة وحولت نفسها إلى كاراكتر ونجمة من نجوم المنصات والصفحات والمستنقعات، بفضل عدد من مواقع بير السلم، وقنوات وصفحات ما وراء الكاراكتر والتريند.
مذيع مجهول وصفحات ممولة تنشر عشرات اللقطات للسيدة التى تحولت إلى نموذج للهبل على الشيطنة، لا يهم السخرية منها أو التندر بها، فهى واضح أنها تكسب من هذا الهراء، وتكسب من وراءها المواقع والصفحات.
السيدة تبدو مبسوطة بشهرتها كأم القتيلة، ولا تختلف أم القتيلة عن الكاراكتر القانونى السياسى الرياضى، الذى يدعو إلى مؤتمرات صحفية يقدم فيها عروضا تجمع بين الاستاند آب كوميدى، والخلط بين الزعيق المفتعل وادعاء التدين ومزيج من «الهبل على العبط على الشيطنة».
وفى كتاب السيبرانى «اضغط هنا»، رصدت ظاهرة الكاراكتر والإلحاح، حيث يصبح البعض نجوما بالإلحاح، ومواد مفضلة للتيك توك، أو الريلز، وهم نماذج تحولهم بعض مواقع وصفحات «بير السلم الافتراضى» إلى وجبة يومية، كلما ظهر ورأى كاميرا يتحول إلى «حيوان سوشيلاتى»، يقول ما يطلبه المتفرجون بخليط من الشتم وادعاء الأخلاق وهو يوجه السباب ويعلق بمزيج من الجهل والعبط وأوصاف خارجة لا تستثنى أحدا.
ولا تختلف أم المذيعة القتيلة ضحية زوجها، عن « الكاراكتر الشهير» الذى يقف وسط صحفيين أو من يدعون أنهم كذلك، ليقدم عرضا يوجه فيه إهانات لمن يفترض أنهم صحفيون، فهذه تمضغ لبانة، وهذا يسأله عن وجه الشبه بينه وبين «أم القتيلة»، فيرد بأنها «شبه أمك»، وينطلق الضحك، من هؤلاء الذين أرسلتهم صحفهم لينقلوا مؤتمر القرد الكاراكتر، الذى كانت آخر معاركه افتعال هجوم متبادل مع «قرداتى» إعلامى مختلط العرق.
وهذه المرة بعد أن خسر بعمق فى الانتخابات، تلبسته روح المرشح الراحل «برعى سمبكسة»، وأعلن أن الأمر خطر ومختلط، وطبعا مع الانتخابات عاش دور الناصح الأخلاقى، وهاجم الملحدين ودافع عن الدين، وبالمرة وجه سبا وخاض فى أعراض، كنموذج غير مسبوق للكاراكتر العميق المجنون.
هذه النماذج من شخصيات اشتهرت بالتعليقات السخيفة أو بالتهكم بألفاظ فجة، وإصدر أحكام على فنانات وأفلام أو شخصيات عامة، لم تشاهد فيلما تهاجمه وفنانة يتهمها ويلسن عليها، وقضية يفتى فيها بدون علم، وهذا النموذج لأم القتيلة أو الكاراكتر ما إن يرى كاميرا فيتحول إلى قرداتى، وقرد، وقد احترف صيادو النميمة إثارته بأسئلة تحريضية فينفجر فمه بألفاظ وشتائم، مدعيا الأخلاقية ويقدم وجبة دسمة من الضحك والمسخرة لموقع «تيك توك»، والريلز، ويبدو أنه بالفعل يربح من كونه فرجة وأضحوكة وتسلية وعبط عميق.
وأصبح نموذج القرد الذى يصبح نجما بعد استدعائه من قبل الإعلام ليتحدث ويحلل فى كل القضايا، ومع تكرار الفعل مرات ومرات وعشرات المرات، يصبح القرد نجما شهيرا وله جمهور، وإذا اختفى سوف يسأل الناس عنه، هذه هى خلاصة نظرية كتب عنها الكاتب الراحل الكبير أحمد بهاء الدين، فى الثمانينيات من القرن العشرين، وأصبحت أكثر وضوحا مع الانفجار فى مواقع التواصل، والمدهش أنه يمكن أن نرى عمقاء يقدمون نظريات لشرح أن هذا القرد له آراؤه وأنه شجاع وعميق وليس مجرد عبيط صنعته كاميرات «تيك توك»، وصفحات كل همها أن تحقق مشاهدات وإثارة الجدل بتعبيرات وأفكار وتعليقات «شاذة» أو متطرفة ومتعصبة، ويصبح الأكثر تهجيصا هو الأكثر تأثيرا على قطعان لا يهمهم سوى تحقيق مشاهدات ولو بالنميمة والسب العلنى وانتهاك الخصوصية والأعراض، وهو ما نراه فى السيدة والقرداتى، وأمثالهما.