تشهد القارة الأوروبية لحظة فارقة تُعيد صياغة ميزان القوة، وتعيد إلى الأذهان توترات الحرب الباردة، مع تصاعد التهديدات الروسية وانهيار مفاوضات فلوريدا بين موسكو وواشنطن، وقيام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى بجولة أوروبية عاجلة بحثًا عن ضمانات أمنية جديدة، تبدو أوروبا وكأنها تسير على حافة بركان جيوسياسي قابل للانفجار في أى لحظة، وسط قلق شعبي ورسمي من أن تتحول الحرب الأوكرانية إلى صراع أوسع يبتلع القارة بأكملها.
بين تهديدات موسكو، وانهيار المفاوضات، وضغوط كييف، تبدو أوروبا اليوم في أخطر وضع استراتيجي منذ نهاية الحرب الباردة، ليس فقط لأن الحرب مستمرة، بل لأن قواعد اللعبة الدولية نفسها تُعاد كتابتها، بينما تقف القارة العجوز في قلب العاصفة.
فشل مفاوضات فلوريدا… الشرارة التي أعادت التوتر إلى أقصى حد
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة لاراثون الإسبانية فكانت الآمال معلقة على المفاوضات التي جرت في فلوريدا بين مسؤولين أمريكيين وروس، باعتبارها نافذة أخيرة لتهدئة النزاع الممتد منذ 2022. لكن الاجتماعات انتهت بلا اتفاق، بل زادت الهوة بين الطرفين بعد تمسك روسيا بمطالب أمنية تراها واشنطن وأوروبا غير قابلة للتنفيذ، أبرزها:
- منع انضمام أوكرانيا نهائيًا إلى الناتو
- انسحاب القوات الأمريكية من شرق أوروبا
- واعتراف دولي بضم روسيا لأقاليم أوكرانية
تسريب وثائق من داخل المفاوضات أظهر أن الوفد الروسي غادر غاضبًا بعدما شعر أن واشنطن تسعى إلى شراء الوقت وليس تقديم حلول. هذا الفشل وضع أوروبا أمام موجة جديدة من التصعيد الروسي، وضغط هائل على كييف.
زيلينسكى في سباق مع الزمن.. جولة أوروبية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
بعد ساعات من انهيار المحادثات، تحرك زيلينسكى في جولة أوروبية خاطفة شملت برلين، باريس، ووارسو، بالإضافة إلى اتصالات مكثفة مع بروكسل ولندن الهدف واحد:الحصول على ضمانات أمنية جديدة قبل أن تتوسع العمليات الروسية في الجبهة الشرقية.
تصف مصادر في كييف هذه الجولة بأنها معركة دبلوماسية مصيرية، في وقت تواجه فيه أوكرانيا:
- نقصًا حادًا في الذخيرة
- تراجع الدعم الأمريكي بسبب الأزمة السياسية الداخلية
- تباطؤًا أوروبيًا في التزامات التسليح
- وخشية من موجة هجمات روسية شتوية واسعة
وتشير تقارير أوروبية إلى أن زيلينسكى طلب صراحةً من فرنسا وألمانيا نشر بطاريات دفاع جوي إضافية، ومنحه جدولًا واضحًا للتسليح الثقيل، بدل الوعود المفتوحة التي لم تتحقق بالكامل خلال العامين الماضيين.
موسكو تكشر عن أنيابها.. ورسائل تهديد غير مسبوقة
في المقابل، حرصت موسكو على إرسال رسائل شديدة اللهجة إلى أوروبا، محذرة من أن دعمها العسكري لكييف سيجعل القارة تدفع ثمنًا باهظًا.
وجاءت أبرز التهديدات على لسان مسؤولين روس كبار أكدوا أن:
أي نقل لأسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا سيُعتبر مشاركة مباشرة في الحرب
روسيا سترد في العمق الأوروبي إذا تعرضت مصالحها الحيوية للخطر.
القارة العجوز ستشهد اضطرابات استراتيجية غير مسبوقة إذا استمر الناتو في تحويل أوكرانيا إلى منصة هجومية
ترافق ذلك مع تحركات عسكرية لافتة، أبرزها:
- نشر صواريخ إسكندر قرب الحدود الفنلندية
- تعزيز الوجود البحري في بحر البلطيق
- وتصعيد الهجمات الإلكترونية على منشآت حيوية في غرب أوروبا
هذه التحركات تعكس تصميم موسكو على فرض قواعد جديدة للعبة، حتى لو تطلب الأمر مواجهة واسعة مع الناتو.
الاتحاد الأوروبي… قلق متزايد وانقسام صامت
في بروكسل، يدور جدل داخلي بين دول تعتقد أن الحل الوحيد هو ردع موسكو بالقوة، ودول أخرى تخشى أن تدفع أوروبا الثمن وحدها إذا اندلعت حرب كبيرة.
ألمانيا وفرنسا تقودان خطًا وسطًا يدعو لمزيد من الدعم العسكري المقنن، لكن دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة. بينما دول البلطيق وبولندا تضغط لتزويد كييف بأسلحة هجومية، معتبرة أن "أمن أوروبا يبدأ من أوكرانيا.
أما إيطاليا وإسبانيا، فتركزان على المخاطر الاقتصادية والطاقوية، وتحذران من أن الأزمة قد تهدد الاستقرار الداخلي الأوروبي إذا طال أمدها.
الشتاء يقترب.. والسيناريوهات أكثر قتامة
يدرك الجميع أن الشتاء القادم قد يكون مفصليًا، فالحرب تزداد شراسة كلما انخفضت درجات الحرارة، والقدرات اللوجستية لأوروبا وأوكرانيا تخضع لاختبار صعب من جديد.
السيناريوهات الأكثر تداولًا تشمل:
1- هجوم روسي واسع شرقي وجنوبي أوكرانيا
2- قطع إمدادات الطاقة عن أوروبا
3- تصعيد سيبراني يضرب البنى التحتية الحيوية
4- اندلاع موجة لجوء جديدة تزيد الضغوط على العواصم الأوروبية