يفرض الحديث عن التعليم نفسه طوال الوقت، لأن التعليم يرتبط بكل عناصر الحياة، بل وحتى السياسة والأحزاب والانتخابات لا تبتعد كثيرا عن حديث التعليم، وخلال يوم واحد كان هناك أكثر من مناسبة تناول فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى قضية التعليم، سواء فى اجتماع الرئيس السيسى مع خبراء التعليم اليابانى، أو فى اجتماعه مع وزير التعليم وتوجيهاته بخصوص تحسين حالة المعلمين والحسم فى مواجهة أى انفلات أو مخالفات.
الرئيس السيسى فى اجتماعه من خبراء التعليم اليابانى أعلن أن الدولة ستعمل على تذليل أى عقبة لضمان نجاح المدارس اليابانية، حرصا على تحقيق طفرة نوعية فى التعليم المصرى، والاستفادة من تجربة اليابان الرائدة فى تطوير التعليم.
يبلغ عدد المدارس اليابانية 69 مدرسة، على مدار ثمانى سنوات، وأعرب الوفد اليابانى عن تطلعه إلى زيادة عدد الفصول والمراحل التعليمية فى مشروع المدارس المصرية اليابانية فى مصر، وكذا تعيين مُعلمين جدد على أعلى مستوى من الكفاءة بعد اجتيازهم التدريب اللازم لتأهيلهم للعمل بهذا المشروع التعليمى المهم، بهدف إكساب الطلاب المهارات اللازمة لسوق العمل والتدريب، بما يساعدهم على تحديد المسار المهنى المناسب، ويسهم فى إعداد جيل قوى قادر على المنافسة العالمية.
وفى اجتماعه مع الرئيس استعرض وزير التعليم عددا من ملفات عمل الوزارة، والموقف التنفيذى لتدريس مادة البرمجة والذكاء الاصطناعى ضمن المناهج الدراسية للصف الأول الثانوى بداية من العام الدراسى الجارى، فى إطار رؤية الدولة للتحول الرقمى وتطوير التعليم، وتلبية لمتطلبات الثورة التكنولوجية، وما يواكبها من متغيرات فى سوق العمل، مؤكدا أن الإقبال على منصة البرمجة والذكاء الاصطناعى اليابانية «كيريو» فاق جميع التوقعات، حيث إن أكثر من 236 ألف طالب أتموا المحتوى التدريبى كاملا، موضحا أن خريجى المرحلة الثانوية الذين يدرسون المادة يحصلون على شهادة دولية معتمدة فى البرمجة من جامعة هيروشيما اليابانية، مؤكدا أنه سيتم إدخال مادة البرمجة والذكاء الاصطناعى فى التعليم الفنى بداية من العام الدراسى الجارى.
واستعرض الوزير جهود الوزارة لتطوير منظومة التعليم الفنى من خلال التوسع فى أعداد مدارس التكنولوجيا التطبيقية التى بلغ عددها 115 مدرسة خلال العام الدراسى الجارى، وربط الدراسة بالتدريب العملى من خلال شراكات مع القطاع الخاص، توقيع شراكات دولية لمنح الخريجين شهادات دولية معتمدة تمنحهم فرص عمل فى السوق المحلى أو الدولى.
الرئيس السيسى شدد على ضرورة بذل أقصى الجهد للارتقاء بالمستوى العلمى والمهنى لخريجى التعليم الفنى، فى ضوء احتياجات سوق العمل المتزايدة لهم.
والواقع أن قضية التعليم الفنى تمثل أهمية كبرى وتتطلب اهتماما أكبر من قبل وزارة التربية والتعليم، لأن التعليم الفنى هو جسر الانتقال الى التقدم وتوطين الصناعات والتكنولوجيا، وسبق ووجه الرئيس الدعوة للشركات الكبرى التى لديها مدارس فنية أن تتوسع فى تخريج الطلاب الفنيين مع استعداد الدولة للمساهمة فى تكاليف التعليم بهذه المدارس، وهناك توصيات مهمة فى الحوار الوطنى تعالج قضية الصناعة، وكيفية التوسع فى المعاهد الفنية والمدارس والتدريب، فى مجالات التكنولوجيا، والتخصصات المطلوبة للصناعة، مع تضاعف الاستثمارات فى الأنشطة التكنولوجية، والسيارات والطاقة الجديدة وأدوات إنتاجها، وهى أنشطة تتطلب توفير فنيين وكوادر يمكنهم إدارة هذه الصناعات، وقبل أيام كان وزير الصناعة يتحدث عن عدم توفر فنيين للصناعات الحديثة، ما يضطر للبحث عن عمالة من الخارج، وهو ما يفرض ضرورة تسويق التعليم الفنى، بشكل يجعله جاذبا للطلاب ولو تطلب الأمر تقديم حوافز للدارسين، وشرح كيفية توظيفهم برواتب عالية فور التخرج.
ومن هنا تأتى أهمية تطوير مسارات التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى، التى يوجه بها الرئيس، بحيث تتماشى مع معايير الجودة العالمية، وتفتح باب الشراكات بين الدولة والقطاع الخاص، لتخريج كوادر مدربة، تتناسب مع احتياجات سوق العمل.
بالنسبة للتعليم التكنولوجى الذى تقدمه المدارس التى يديرها القطاع الخاص، وهى نحو 42 مدرسة، تساهم فى تخريج مهارات وكوادر مدربة، تتوافق مهاراتهم مع احتياجات سوق العمل، وتتجه الدولة لإتاحة مزيد من المدارس الفنية الحكومية لتتم إدارتها من جانب القطاع الخاص كمدارس فنية وتكنولوجية، تنضم إلى المنظومة الحالية التى يديرها القطاع الخاص.
وهذه التفاصيل سبق طرحها ويفترض أن تكون سياسة دولة لا ترتبط بحكومة أو وزير، مع استمرار عدم التركيز فى توصيات الحوار الوطنى، والتى كانت - حال الالتفات إليها - ستوفر جهدا ووقتا للتعليم الفنى والعالى.
