في عالم تتسارع فيه التحديات، وتتعقد فيه التجارب التي يمر بها الأطفال، لم يعد السؤال هو هل سيواجه الطفل صدمة؟ بل كيف سنجهّزه لمواجهتها؟ فالأسرة اليوم ليست مجرد مكان للنشأة، بل هي "نظام دعم نفسي" كامل، يملك القدرة على صناعة طفل قادر على الصمود والعودة للاتزان بعد الألم.
الطفل لا يصبح مرنًا لأنه قوي، بل لأنه مطمئن، فالأمان العاطفي وهو شعور الطفل بأنه مقبول ومحبوب كما هو يعمل كـ"بطارية داخلية" تمنحه قدرة على تحمل الصعوبات، والأطفال الذين ينشؤون في بيئة آمنة يسهل عليهم":
* طلب المساعدة عند الضيق
* التعبير عن مشاعرهم
* استخدام حلول خلاقة تحت الضغط
أحد أكبر الأخطاء هو قول: "لا تبكي، أنت قوى" وهذا يخبر الطفل أن مشاعره خطأ، أما الطفل القادر على مواجهة الصدمات فهو الطفل الذي يعرف أن:
* الخوف طبيعي
* الحزن ليس ضعفًا
* الارتباك جزء من التجربة
عندما تمنح الأسرة طفلها لغة للمشاعر (غاضب – قلق – مرتبك – محتاج دعم)، فإنها تمنحه خريطة تُمكّنه من السير في أوقات الأزمات.
الأطفال لا يتعلمون المرونة بالكلام، بل بالمشاهدة، وعندما يرى الطفل أبًا يهدأ قبل اتخاذ قرار، أو أمًا تعترف بخطأ وتتعلم منه، فهو يكوّن في داخله نموذجًا يقول له:
"يمكن تجاوز الصعوبات… وليس الهروب منها".
هذا النموذج يترجم داخل عقل الطفل إلى قوة داخلية طويلة المدى.
الحماية القوية تخلق طفلًا هشًّا، والإهمال يخلق طفلًا خائفًا، ولكن "الحماية المتوازنة" وهي السماح للطفل بالتجربة تحت رعاية الأسرة — تصنع طفلًا قويًا، أمثلة بسيطة:
* حل شجار صغير بنفسه
* محاولة ربط الحذاء دون تدخل
* التعامل مع خيبة أمل بسيطة مثل خسارة لعبة
هذه التجارب الصغيرة تبنى مهاراته النفسية ضد الصدمات الأكبر.
في أي صدمة، الحوار هو الأداة الأكثر تأثيرًا، ليس حوارًا مليئًا بالمواعظ، بل حوارًا يشرح ويطمئن ويجيب على الأسئلة بصدق. والطفل يحتاج أن يسمع
* أنا معك
* ما تشعر به طبيعي
* هذه التجربة لن تستمر للأبد
الحوار يقلل الخوف بنسبة كبيرة، ويجعل الصدمة مفهومة وغير غامضة.
بعد أي صدمة، يعود الطفل للاتزان عندما يعود لحياته الطبيعية
* أوقات نوم ثابتة
* دروس وأنشطة
* روتين داخل البيت
هناك مهارات محددة تزيد من المرونة النفسية
* حل المشكلات
* التفكير المرن
* ضبط الانفعالات
* طلب المساعدة
* التفكير الإيجابي الواقعي
الأسرة التي تُعلّم طفلها هذه المهارات تُعطيه أدوات يستخدمها عندما لا يكونون بجواره.
الطفل الذي يعرف أنه محبوب مهما حدث، هو طفل لا يهتز بسهولة. هذا الشعور يجعله أكثر قدرة على طلب الدعم، والبوح بمشاعره، والوقوف من جديد بعد أي ألم.
الأسرة لا تمنع الصدمات، لكنها تستطيع أن تُعدّ طفلًا لا ينهار أمامها. المرونة النفسية ليست هبة تولد مع الأطفال، بل مهارة تُبنى يومًا بعد يوم داخل البيت بالكلمة، والقدوة، والحب، والمساحة، والصدق.