قبل عام 1954، بدا أن زراعة الأعضاء البشرية ستكون إنجازًا مستحيلًا نظرا لانتهاء كافة المحاولات السابقة برفض جسد المريض لكلية المتبرع، لكن ذلك الأمر تغير على يد الطبيب الأمريكى جوزيف موراي، والذى بفضل تجربته الناجحة تجرى عمليات زراعة الكلى الآن في جميع أنحاء العالم يوميًا.
ووفقا لموقع "National library of medicine" ، كان موراي هو أول جراح يُجري عملية زراعة كلى بنجاح، أولًا لتوائم متطابقة، ثم لتوائم غير متطابقة، وأخيرًا باستخدام متبرع متوفى، وهو ما توج بحصوله على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1990 ـ تكريما لعمله الرائد في مجال زراعة الأعضاء.
أول جراحة ناجحة
في عام 1954، حضر ريتشارد هيريك، وهو مريض لديه شقيق توأم سليم يُدعى رونالد، مصابًا بفشل كلوي إلى مستشفى بيتربنت بريجهام، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى طرح موراي فكرة إجراء عملية زرع كلى ناجحة بين الشقيقين المتطابقين وراثيًا.
واجه موراي فى البداية معضلة أخلاقية كبيرة، لأن إجراء عملية جراحية كبيرة لمتبرع حي، أي إزالة كلية سليمة دون أي منفعة شخصية وربما التسبب في ضرر، كان شيئًا لم يحدث من قبل، لذلك استشار الفريق العديد من القادة الطبيين والدينيين، وبعد مناقشة مستفيضة، اتفق جميع الأطراف المعنية على ضرورة إجراء الجراحة نظرًا لإمكاناتها في إنقاذ الحياة.
وبالفعل أجريت الجراحة في 23 ديسمبر 1954، حيث قاد موراي الفريق الجراحي للمتلقي، وقاد الدكتور جيه هارتويل هاريسون الفريق الجراحي للمتبرع، ولم تسفر العمليتان عن أي مضاعفات، وبعد العملية، عادت الكلية المزروعة إلى العمل فورًا.
عاش ريتشارد طويلًا بما يكفي ليتزوج وينجب طفلين قبل أن يُصاب بفشل قلبي بعد ثماني سنوات، بينما لم يُعانِ رونالد من أي مضاعفات خطيرة، وعاش لأكثر من 50 عامًا بعد الجراحة، وورغم أن هذه الحادثة الحاسمة أظهرت إمكانية إجراء جراحة زراعة الكلى من الناحية التقنية، إلا أنها لم تُعالج أو تُحل مشكلة عدم التوافق المناعي الكامنة.
جراحات لاحقة
في عام ١٩٦١، أجرى موراي أول عملية زرع كلى غير مرتبطة بمريض بشري باستخدام علاج مثبط للمناعة، وسارت عملية الزرع على ما يرام، لكن المريض توفي بسبب التسمم الدوائي، في محاولته الثانية، تمكن موراي في البداية من السيطرة على ظاهرة الرفض وعكسها عن طريق البدء بإعطاء الآزاثيوبرين، لكن حدث رفض الكلية بعد فترة وجيزة، ووفي المريض بسبب عدوى شديدة بعد ذلك.
أما المريض الثالث، ميل دوسيت، البالغ من العمر ٢٣ عامًا، عاش لأكثر من عام بعد ما يُعتبر أول عملية زرع كلى ناجحة، ومع تحسين بروتوكولات زرع الكلى وتوافر عوامل مثبطة للمناعة جديدة، ارتفعت معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل كبير، مما أدى إلى إنشاء برامج وطنية للمانحين والسجل الدولي لزرع الكلى، وبعد نجاح عمليات زرع الكلى، سرعان ما تبعتها عمليات زرع أعضاء أخرى، بما في ذلك عمليات زرع الكبد والقلب.