شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، قصفا مدفعيا ترافق مع إطلاق نار مكثف من الآليات العسكرية شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية على مدينة رفح الفلسطينية، فيما أطلقت الآليات نيرانها باتجاه المناطق الجنوبية الشرقية من مخيم البريج والمغازي وسط القطاع، في تصعيد متواصل على عدة محاور، كما كثف الطيران المروحي الإسرائيلي غاراته على رفح جنوب قطاع غزة.
ويأتي هذا التصعيد في ظل استمرار الخرق الإسرائيلي لوقف إطلاق النار وتفاقم أزمة نقص المساعدات الإنسانية، حيث بدأت الحكومة الإسرائيلية اتخاذ إجراءات لسحب تراخيص عمل منظمات دولية تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، بزعم عدم استكمال إجراءات التسجيل أو تورط بعض العاملين في أنشطة "إرهابية".
وأبلغت السلطات الإسرائيلية، صباح الأربعاء، عشرات المؤسسات الدولية العاملة في مجال الإغاثة في فلسطين بضرورة إغلاق مكاتبها ومنع مزاولة أنشطتها، في خطوة قد تؤثر على تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين في الأراضي الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة والضفة الغربية.
بدورها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلغاء تصاريح عمل 37 منظمة دولية وإغاثية عاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة، واصفةً الإجراء بالتعسفي الذي يستهدف تعميق الكارثة الإنسانية، خاصة في قطاع غزة .
رفض فلسطيني للذرائع الإسرائيلية
وشددت الخارجية الفلسطينية في بيان لها على رفضها القاطع للذريعة الإسرائيلية وراء هذا المنع، مؤكدة أن هذه المؤسسات تلعب دوراً حيوياً في تقديم الدعم الصحي والبيئي والإغاثي للشعب الفلسطيني في وقت يواجه فيه حرب إبادة وتجويع ممنهجة، إلى جانب العدوان المستمر على المخيمات في الضفة الغربية.
على جانب آخر، قدم الجهاز المركزي للإحصاء، إحاطة شاملة حول أوضاع الفلسطينيين في نهاية عام 2025، عشية رأس السنة الجديدة 2026، مشيراً إلى أن المؤشرات الإحصائية تعكس كارثة إنسانية وديموجرافية حقيقية، مع آثار طويلة المدى على استقرار السكان والتنمية وحقوق الإنسان.
وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد الشهداء في فلسطين أكثر من 72,000 شهيد منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، 98% منهم في قطاع غزة، مسجلاً بذلك أعلى حصيلة للشهداء في تاريخ عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وبحلول نهاية ديسمبر 2025، بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة 70,942 شهيداً، بينهم 18,592 طفلاً ونحو 12,400 امرأة، فيما لا يزال نحو 11,000 شخص في عداد المفقودين، وارتفع عدد الجرحى إلى 171,195، ومنذ بدء العدوان، اضطر 100 ألف فلسطيني إلى مغادرة القطاع، كما نزح نحو مليوني مواطن من بيوتهم من أصل نحو 2.2 مليون مواطن كانوا يقيمون في القطاع قبل العدوان، ومع ذلك لم يسلموا من القصف.
وشهد قطاع غزة انخفاضاً حاداً وغير مسبوق في عدد السكان بلغ حوالي 254 ألف نسمة، أي ما يعادل انخفاضاً بنسبة 10.6% مقارنة بالتقديرات السكانية قبل العدوان. ويبلغ عدد سكان غزة حالياً 2.13 مليون نسمة، ما يعكس ما وصفه الجهاز المركزي للإحصاء بأنه نزيف ديموجرافي حاد ناجم عن القتل والتهجير وتدهور الأوضاع المعيشية.
وفي الضفة الغربية، أسفر عدوان الاحتلال الاسرائيلي المتصاعد وإرهاب المستوطنين عن استشهاد 1,102 شخص وإصابة 9,034 آخرين.
في رام الله، قال الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس أبو مازن إنّ انطلاقة الثورة الفلسطينيّة المعاصرة مثّلت تحوّلًا تاريخيًّا ونوعيًّا في مسار القضيّة الوطنيّة الفلسطينيّة، وأعادت صياغة الهويّة الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الذي انبعث من غياهب النكبة عام 1948 مشكّلًا بتضحياته الجسام نموذجًا نضاليًّا تحرّريًا استثنائيّا وضع القضيّة الفلسطينيّة على رأس الأجندة السياسية الدولية، وأكدت حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإمساكه بقراره الوطني المستقل.
وأكّد أبو مازن في بيان صادر عنه بمناسبة الذكرى الـ 61 لانطلاقة الثورة الفلسطينيّة المعاصرة وانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أنّ تجسيد الدولة الفلسطينيّة المستقلة كاملة السيادة على التراب الوطنيّ الفلسطينيّ بعاصمتها القدس الشرقيّة، وعودة اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، حقيقة حتميّة جسدها صمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه لن يستطيع أحد أو قوة أياً كان منع حدوثها.