عندما يبدأ العام الجديد 2026، فكل شيئا يكون جديدا جملة تتردد بعد دقة الساعة وبداية شهر يناير في العام الجديد والأسبوع الأول من العام لا يتعلق بتغيير ملحوظ إنما يتعلق بإعادة ذهنية هادئة .
تقول بافيا شاه، الاستشارية النفسية بمستشفى 'سيفي' في الهند، إن الأسبوع الأول من العام لا يتعلق بالتغيير الجذري، فبينما تقلب صفحات التقويم فوراً في الأول من يناير، إلا أن العقل البشري لا يعمل وفقاً لمواعيد نهائية محددة، موضحة أن الأيام الأولى من العام تمثل انتقالاً نفسياً وليست إعادة ضبط تلقائية، فليس شهر يناير منصة إطلاق للتحول الفوري، بل هو فترة تكيف يعيد فيها العقل توازنه ببطء.
استند إلى الواقع
وتضيف 'شاه' أن الثقل العاطفي للعام نادراً ما يختفي بين عشية وضحاها؛ فالمواعيد النهائية للعمل، والالتزامات الاجتماعية، والضغوط المالية، والروابط العائلية غالباً ما تمتد إلى العام الجديد، تاركة وراءها حلقات عاطفية غير محلولة، مضيفة أن علم النفس السلوكي يدرك قوة 'المعالم الزمنية' مثل بداية عام جديد التي تشجع على التأمل وإعادة تقييم الهوية.
كما تشير بافيا إلى أن ظاهرة تأثير البداية الجديدة لا تعمل بشكل إيجابي إلا عندما تستند إلى الواقع بدلاً من الضغوط ومع عودة النشاط إلى أماكن العمل واستئناف الروتين اليومي، تزداد التوقعات بهدوء؛ حيث تمتلئ منصات التواصل الاجتماعي بمخططات الأهداف، وطقوس الإنتاجية، وقصص التحول الجذري، مما يضع عبئاً نفسياً إضافياً على الفرد.
قررات صارمة ليست ضرورة
وتدعم الأبحاث المتعلقة بتكوين العادات وجهة النظر هذه، فالتغيير المستدام يعتمد على الاستمرارية والتخطيط والرفق بالذات، لا على الاستعجال، فالعقل يستجيب بشكل سلبي للضغط، بينما يتفاعل بإيجابية مع الصبر والروتين، و إعادة تعريف الأسبوع الأول من العام ليكون بمثابة "وقفة استراحة" بدلاً من "استعراض للأداء"، موضحة أنه وقت للعودة الهادئة إلى الروتين اليومي، والاستماع إلى المؤشرات العاطفية، ووضع نوايا للتغيير بدلاً من القرارات الصارمة'
تقبل نفسك
"وفي نهاية المطاف، فإن إعادة الضبط النفسي الحقيقية لا تحدث عند منتصف ليل الأول من يناير، بل تحدث عندما يمنح الأفراد أنفسهم المساحة للانتقال التدريجي دون مقارنة أو شعور بالذنب أو استعجال، لأن الأسبوع الأول من العام لا يتعلق بأن تصبح شخصاً جديداً، بل يتعلق بالعودة اللطيفة إلى ذاتك.
وترى بافيا شاه أن هذا الضغط أو التراكم مقياسا خفيا للنجاح، فعندما لا يشعر الناس بالانسجام الفوري مع هذه الطاقة، فإنهم غالباً ما يعانون من القلق والشك في الذات، أو يولد لديهم شعور بالتأخر دون استيعاب السبب الحقيقي وراء ذلك، ومن الناحية النفسية، يعتبر الأسبوع الأول من يناير مرحلة إعادة توجيه معرفي، حيث يحاول العقل الانفصال عن العام السابق، ومراجعة أنماط الاحتراق النفسي والإرهاق العاطفي والاحتياجات الشخصية التي لم يتم تلبيتها وهذه المرحلة هي وقت للوعي وليست للتنفيذ، فمشاعر الملل أو الرغبة في الصمت والتأمل الذاتي غالباً ما تفسر بشكل خاطئ على أنها نقص في الدافعية، بينما هي في الواقع إشارات تدل على أن العقل يقوم بعمل داخلي جوهري.
تؤكد استشارية الطب النفسي، على أن هناك عنصر حيوي آخر في عملية إعادة الضبط وهو التفاوض مع الهوية، حيث يلاحظ أن الكثيرين يدخلون العام الجديد معتقدين أن عليهم أن يصبحوا نسخة أفضل من أنفسهم وبينما يعد النمو أمراً صحياً، تظهر المشكلات عندما ينظر إلى 'الذات الحالية' كشيء يجب رفضه أو محوه .