فى فترة انتشار كورونا، أصبح فيها العمل من المنزل هو السائد، وبعد أن خفت حدة المرض والأزمة عاد غالبية العاملين إلى نظام العمل من المكتب، وبينما يرغب الكثير من الموظفين فى عمل من المنزل، يفضل آخرون طريقاً وسطاً وهو نمط العمل المختلط أو المختلف وهو الدمج بين العمل من المنزل ومن مقر العمل، حسب ما جاء في تقرير نشره الموقع الإلكتروني"أونلي ماي هيلث".
هل العمل من المنزل مفيد حقاً لصحتك النفسية؟
ذكرت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد ملبورن بجامعة ملبورن بأستراليا، أن نمط العمل المشترك (الذي يمزج بين العمل من المكتب والعمل من المنزل) قد يعزز الصحة النفسية للمرأة، توضح الدكتورة ديفيا شري كيه آر، استشارية الطب النفسي في الهند، أن العمل من المنزل يمكن أن يعزز الصحة النفسية للكثيرين عندما يتم إدارته بشكل جيد، فهو يساعد في تقليل التوتر اليومي الناتج عن فترات التنقل الطويلة وازدحام المرور والمكاتب المزدحمة وغالباً ما يحصل الأشخاص على وقت أطول للراحة وللعائلة وللأنشطة الشخصية، مما قد يحسن المزاج والتوازن العاطفي .
وتشير الدراسة فى الوقت نفسه، إلى أن نمط العمل المشترك مفيد جداً للصحة النفسية للمرأة و يكون له أثر إيجابي، فهو يساعد في تقليل التوتر اليومي وضغط الوقت، فالكثير من النساء لديهن القدرة على الموازنة بين العمل وبين الواجبات المنزلية والرعاية الأسرية، وأيام العمل المرنة تجعل هذا الأمر سهلا.
وتضيف أن العمل من المنزل يتيح تحكماً أفضل في جداول العمل، مما يساعد الأشخاص على العمل خلال ساعات ذروة إنتاجيتهم، كما أن بيئة المنزل المريحة قد تجعل الأشخاص يشعرون بأمان واسترخاء أكبر، ومع ذلك، من المهم الحفاظ على روتين وحدود واضحة، لأن غياب التنظيم قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة أو الاحتراق الوظيفي، مضيفة أن أخذ استراحات منتظمة، وتحديد ساعات عمل واضحة، والحفاظ على التواصل الاجتماعي فهي عوامل رئيسية للحصول على فوائد الصحة النفسية من العمل من المنزل .
تقول استشارية الطب النفسي، إنه لا يوجد رقم ثابت لأيام العمل من المنزل يناسب الجميع، لكن الدراسات وآراء الخبراء تشير إلى أن يومين (من العمل من المنزل) أسبوعياً هو الخيار الأفضل للصحة النفسية، وهذا التوازن يسمح للأفراد بالتمتع بالمرونة وتقليل التوتر الناتج عن السفر، مع البقاء على اتصال اجتماعي في مكان العمل.
تتابع قائلة: "العمل من المنزل يومياً قد يؤدي أحياناً إلى الشعور بالوحدة، وغياب الروتين، وتداخل الحدود بين العمل والحياة الشخصية، مضيفة أن العمل الكامل من المكتب قد يزيد من التوتر والإرهاق، ويساعد الوضع المشترك الأشخاص على البقاء منتجين دون الشعور بالعزلة، كما أنه يدعم العمل الجماعي والرفاهية الشخصية بشكل أفضل، وإن المزج بين أيام المنزل والمكتب يمنح الفرد النظام، والمرونة، والتوازن العاطفي، وهو أمر ضروري للصحة النفسية على المدى الطويل .
كيف يدعم نمط العمل المشترك الصحة النفسية للمرأة؟
وتستكمل د. ديفيا شري أن العمل من المنزل في بعض الأيام يتيح إدارة أفضل للوقت والحصول على مزيد من الراحة، كما يمكنه أن يقلل من الاحتراق الوظيفي والشعور بالاندفاع الدائم، وفي الوقت نفسه، توفر أيام العمل من المكتب التواصل الاجتماعي، والعمل الجماعي، والحضور المهني، وهي أمور ضرورية لتعزيز الثقة والنمو الوظيفي، فإن النموذج المشترك يدعم التوازن بين العمل والحياة دون عزلة كاملة وعندما تشعر النساء بقدرة أكبر على التحكم في وقتهن ومسؤولياتهن، فإنهن غالباً ما يشعرن بقلق أقل، وتركيز أفضل، ورفاهية عاطفية عامة .
لماذا تستفيد النساء أكثر من غيرهن من نمط العمل المشترك؟
تذكر الطبيبة النفسية أن النساء تستفيد من نمط العمل المشترك أكثر من الرجال وفقاً للدراسات الجديدة، لأن هذا النظام يمنحهن مرونة أكبر وتوازناً أفضل بين العمل والحياة الشخصية، فكثير من النساء يتولين مسئوليات منزلية ومهام رعاية للأطفال أو كبار السن ، بالإضافة إلى وظائفهن، ويساعدهن العمل المشترك على إدارة كلتا المهمتين دون الشعور بتوتر مفرط أو ضغط هائل.
توضح الدكتورة "شري كيه آر" قائلة: "إن العمل المشترك يقلل من أوقات التنقل الطويلة ويمنح القدرة على التحكم في جداول العمل، مما يعزز الصحة النفسية والإنتاجية عند النساء، كما يساعد الكثير من النساء على الاستمرار في وظائفهن بل وتطوير مسيرتهن المهنية من خلال السماح لهن بالعمل بكفاءة من المنزل، مع البقاء على اتصال بالزملاء في أيام المكتب هذه العوامل المجتمعة تجعل العمل المشترك إيجابياً بشكل خاص للصحة النفسية للمرأة ونموها المهني مقارنة بالعمل التقليدي من المكتب فقط.
ما تأثير العمل من المنزل على الصحة النفسية ؟
تذكر الدكتورة "شري كيه آر، أن العمل من المنزل يمكن أن يخلق أحياناً شعوراً بالعزلة والوحدة، فعندما لا يلتقي الأشخاص بزملائهم شخصياً، قد يفتقدون المحادثات العفوية والترابط الاجتماعي و هذا النقص في التفاعل اليومي يمكن أن يجعل البعض يشعرون بالانفصال عن محيطهم أو بأنهم مستبعدون، مشيرة إلى أن العمل وحيداً لساعات طويلة قد يؤثر أيضاً على التحفيز والحالة المزاجية ومع مرور الوقت، يمكن للوحدة أن تزيد من مستويات التوتر وتقلل من الرضا الوظيفي، وقد يشعر الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم بهذا الأمر بشكل أقوى ومع ذلك، يمكن إدارة ذلك من خلال مكالمات الفريق المنتظمة، ولقاءات الاطمئنان الافتراضية، وأيام العمل المكتبية المخطط لها، كما أن أخذ فترات راحة، والبقاء نشطاً اجتماعياً خارج إطار العمل، واتباع روتين محدد، كلها عوامل تساعد في تقليل الشعور بالعزلة أثناء العمل من المنزل .
